بقلم: يورونيوز
نشرت في
أثار مقطع فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي في مصر موجة من الغضب والتعاطف تجاه سيدة مصرية تُدعى أميرة عبده، ظهرت فيه وهي تعرض أبنائها الأربعة “للبيع” نتيجة ضيق الحال وفقدان السكن والدخل.
ووفق روايتها في الفيديو، فإنها عملت لمدة ست سنوات لإعالة أبنائها الأربعة (بنتان وصبيان)، بعد أن تخلى عنهم والدهم منذ أكثر من عشر سنوات دون نفقة أو مساعدة، مما دفع الأسرة إلى شبح التشرد وفقدان المسكن.
وأضافت أن طردها من شقتها جاء بعد تراكم الإيجار لثلاثة أشهر بقيمة 80 جنيهًا شهريًا، وأنها لم تعد قادرة على توفير طعام أو مأوى. وأكدت السيدة أن قسوة الظروف دفعتها إلى اتخاذ هذا القرار، في محاولة لإنقاذ أطفالها من التشرد.
ويتزامن الفيديو مع أزمة الإسكان وارتفاع الإيجارات، خاصة بعد تعديلات قانون الإيجار القديم في 2025، والتي أسفرت عن زيادات كبيرة في الإيجارات وأثارت مخاوف من تعرض ملايين الأسر للطرد.
تدخل حكومي
تدخلت الحكومة المصرية بشكل عاجل لتقديم الدعم الكامل للمرأة. وأكد وزيرالعمل المصري، محمد جبران، أنه تواصل معها شخصيًا، مشيرًا إلى حرص الدولة على توفير حياة كريمة لها ولأطفالها من خلال دعم شامل ومستدام.
وخلال مداخلة تلفزيونية، قال الوزير إنه وعد أميرة بتوفير فرصة عمل مناسبة تضمن لها دخلاً ثابتًا يمكنها من إعالة أطفالها بشكل كامل، مضيفًا أن الوزارة ستقدم لها إعانة عاجلة لضمان استمرارها تحت رعاية الدولة، مع طلب إرسال شهاداتها ومؤهلاتها وصور بطاقتها الشخصية لتسهيل الإجراءات.
من جانبها، أكدت مي عبدالحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، أنها تتابع حالة الأم شخصيًا، مشددة على جاهزية الدولة للتحرك فورًا لتقديم الدعم اللازم في مثل هذه الحالات الإنسانية.
وخلال مداخلة على قناة “ON”، أوضحت عبدالحميد أن هناك تنسيقًا كاملًا بين صندوق الإسكان ووزارة التضامن الاجتماعي للتعامل مع الحالات الطارئة، مشيرة إلى أن الهدف لا يقتصر على المساعدة المالية المؤقتة، بل يشمل تأمين استقرار دائم للأم وأطفالها.
وأشار المسؤولون إلى أن الحلول المطروحة تشمل توفير فرصة عمل مناسبة لضمان حياة مستقرة ومستقبل أفضل لها ولأطفالها.
ظاهرة أم حالة فردية؟
تشير البيانات الرسمية والميدانية إلى أن الضغوط المعيشية بدأت تؤثر مباشرة على بنية الأسرة المصرية، حيث بات الأطفال في بعض الحالات “عملة” يستخدمها الأهل لتأمين لقمة العيش في لحظات اليأس.
ففي مطلع هذا العام، شهدت مواقع التواصل صدمة كبيرة بعد تداول منشورات على مجموعة فيسبوك تحت اسم “تبني طفلاً يتيماً”، حيث عُرض فيها الأطفال للتبني مقابل مبالغ مالية، ووصل عدد المشتركين إلى عشرات الآلاف خلال أيام قليلة، لتحوّل المجموعة إلى متجر إلكتروني كبير لبيع الأطفال والاتجار بهم.
وتضمنت العروض الأطفال اليتامى والرضع وحديثي الولادة، وفي بعض الحالات أجنة لم تولد بعد.
وأكدت السلطات المصرية أن أسعارهم تتراوح بين 3 آلاف و5 آلاف جنيه مصري (حوالي 100 دولار). وتدخل المجلس القومي للطفولة والأمومة للتحقيق، مع التأكيد على أن هذه الممارسات تُعد جريمة اتجار بالبشر وفق القانون المصري.
في سياق متصل، تتزايد ظاهرة عمل الأطفال في مصر بشكل ملحوظ، خصوصًا في المناطق منخفضة الدخل والريف، حيث يعمل الأطفال في الورش والمتاجر وحتى كباعة متجولين أو سائقي توك توك.
وتوضح تقارير إعلامية أن الفقر، حجم الأسرة، والضغوط الاقتصادية هي الأسباب الرئيسة لدفع الأطفال إلى سوق العمل، ما يجعلهم عرضة للانتهاك والاستغلال.
وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة الأطفال العاملين ارتفعت لتشمل ملايين الأطفال، بينهم عدد كبير في ظروف خطرة، بينما تبقى الإجراءات الحكومية والتشريعات القانونية غالبًا غير كافية لضبط الظاهرة.
الأزمات الاقتصادية في مصر
تشير التقارير إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة في مصر، إلى جانب ضغوط البطالة وضعف شبكات الأمان الاجتماعي، يشكل عاملًا رئيسيًا يدفع الأسر لمواجهة صعوبات اقتصادية حادة تؤثر على الأطفال والعائلات على حد سواء.
وتظهر البيانات الرسمية أن معدل التضخم السنوي في المدن المصرية بلغ نحو 13.9% في أبريل 2025، ما ينتج عنه ارتفاعًا ملموسًا في أسعار السلع الأساسية وتكاليف الحياة اليومية.
كما تشير الدراسات الاقتصادية إلى أن نسبة الفقر في البلاد تصل إلى نحو 30% على المستوى الوطني، وترتفع في بعض المناطق الريفية إلى 55%، ما يجعل العديد من الأسر تكافح لتلبية احتياجاتها الأساسية حتى مع الأجور البسيطة.
وفي السياق نفسه، تشير التقديرات إلى أن نسبة البطالة في مصر عام 2025 تتراوح بين 6 و7%، مع وجود ملايين الأفراد خارج سوق العمل أو يعملون في القطاع غير الرسمي دون حماية اجتماعية كافية.

