بقلم: يورونيوز

نشرت في

يشتدّ مناخ القلق العسكري في أوروبا، مع تصاعد التحذيرات من احتمال انزلاق القارة العجوز إلى مواجهة مسلّحة مع روسيا. فباتت العواصم الأوروبية تتلقى، بشكل شبه يومي، تنبيهات حول مخاطر اندلاع نزاع واسع، تصدر أحيانًا عن رؤساء دول، وأحيانًا أخرى عن قادة عسكريين.

ففي فرنسا، حذّر الجنرال فابيان ماندون أواخر نوفمبر/تشرين الثاني من تدهور البيئة الأمنية وضرورة الاستعداد لسيناريو الحرب، بينما دعا رئيس أركان الجيش البريطاني، ريتشارد نايتون، هذا الأسبوع إلى أن يكون عدد أكبر من المواطنين “جاهزين للقتال”.

ويشير استطلاع حديث إلى أن أكثر من نصف الأوروبيين يعتبرون احتمال اندلاع حرب مع قوات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمرًا واردًا، وفق نتائج نُشرت مطلع ديسمبر/كانون الأول.

وفي سياق متصل، نشرت صحيفة “لو باريزيان” الفرنسية تقريرًا اعتمد على خبراء عسكريين ودوليين لتحديد أكثر المناطق الأوروبية عرضة لهجوم محتمل من روسيا، مسلطة الضوء على نقاط الضعف المحتملة والسيناريوهات التي قد تلجأ إليها موسكو دون خوض حرب شاملة.

دول البلطيق: “الهدف الأكثر ترجيحًا”

يُجمع الخبراء الذين استند إليهم تقرير الصحيفة الفرنسية على أن السيناريو الأرجح يتمثل في توغل بري داخل إحدى دول البلطيق المتاخمة لروسيا، وتحديدًا لاتفيا أو إستونيا، مع ترجيح لاتفيا بوصفها “الحلقة الأضعف”.

ففي لاتفيا، يشير تقرير “لو باريزيان” إلى أن اللواء المتعدد الجنسيات التابع للناتو، والذي تقوده كندا، لا يُعد من بين أكثر الوحدات جاهزية. كما أن المناطق الشرقية ذات الغالبية الناطقة بالروسية تبقى شبه معزولة عن العاصمة ريغا، ما يمنح موسكو هامشًا واسعًا لإثارة توترات محلية قد تُستغل لتبرير تدخل عسكري.

أما في إستونيا، فتظل مدينة نارفا الحدودية نقطة حساسة. وقد شهدت المنطقة مؤخرًا استفزازات متكررة، من بينها عبور زورق لحرس الحدود الروسي رافعًا علم “فاغنر”.

وتشير مذكرة صادرة عن معهد مونتين إلى أن سيناريو التوغل في نارفا يتصدر قائمة الاحتمالات الأكثر واقعية.

ممر سوالكي

يحذر التقرير الفرنسي من ممر سوالكي، الذي يمتد على نحو 85 كيلومترًا بين ليتوانيا وبولندا، ويربط بيلاروسيا الحليفة لموسكو بجيب كالينينغراد الروسي المطل على بحر البلطيق. ويُنظر إلى هذا الممر بوصفه ثغرة استراتيجية.

ففي حال سيطرت روسيا عليه، يمكنها عزل دول البلطيق عن بقية قوات الناتو، ما يجعل أي تحرك عسكري في هذه المنطقة ذا أولوية قصوى لموسكو.

وفي هذا الإطار، سبق للجنرال الأميركي السابق ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق ديفيد بترايوس أن توقع، في يونيو/حزيران الماضي، غزوًا روسيًا محتملًا لليتوانيا بحلول عام 2029.

وفي حال تحقق هذا السيناريو، ستجد بولندا نفسها في خط المواجهة الأول، خاصة بعد تحذير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخرًا من احتمال تعرض وارسو لهجوم روسي.

سفالبارد، فنلندا ومولدافيا: “سيناريوهات أقل ترجيحًا”

يلفت تقرير لو باريزيان إلى احتمال استهداف أرخبيل سفالبارد النرويجي، رغم عزلته الجغرافية، في إطار استراتيجية روسية تهدف إلى إحراج الناتو وزعزعة تماسكه دون خوض مواجهة مباشرة.

في المقابل، تُعتبر فنلندا ومولدافيا أهدافًا أقل ترجيحًا. فالتضاريس المعقدة وقوة الجيش الفنلندي تجعل أي هجوم مباشر محفوفًا بالمخاطر، بينما قد يقتصر التحرك الروسي في مولدافيا على منطقة ترانسنيستريا الانفصالية، التي تعاني ضعفًا في الإمكانيات وصعوبات كبيرة في الإمداد.

جدير بالذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد جدد تأكيده، خلال مؤتمره الصحفي السنوي يوم الجمعة، أن روسيا “لن تهاجم أوروبا إذا ما عوملت باحترام”، واصفًا الحديث عن حرب مع أوروبا بأنه “غير منطقي”.

وأضاف: “الكرة بالكامل في ملعب خصومنا الغربيين”.

شاركها.
اترك تعليقاً

© 2025 الشرق اليوم. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version