يعتقد الكثير من السائقين أن الجلوس خلف نوافذ السيارة المغلقة يوفر حماية كافية من أضرار أشعة الشمس، خاصة مع تشغيل مكيف الهواء الذي يقلل من الشعور بالحرارة. ومع ذلك، يحذر أطباء الجلدية وخبراء العناية بالبشرة من أن هذا الاعتقاد خاطئ تماماً، وأن القيادة لفترات طويلة قد تكون سبباً رئيسياً في ظهور علامات الشيخوخة المبكرة وحتى الإصابة بأمراض جلدية خطيرة، فيما يُعرف بظاهرة "وجه السائق".
الحقيقة العلمية: الزجاج لا يحجب كل شيء
لفهم طبيعة هذا الخطر، يجب التمييز بين نوعين من الأشعة فوق البنفسجية التي تصلنا من الشمس: الأشعة فوق البنفسجية طويلة المدى (UVA) والأشعة متوسطة المدى (UVB). بينما ينجح زجاج السيارات في حجب الأشعة المتوسطة (UVB) المسؤولة عن حروق الشمس الظاهرة، فإنه غالباً ما يفشل في حجب الأشعة الطويلة (UVA) ما لم يكن معالجاً بشكل خاص. هذه الأشعة الطويلة هي الأخطر لأنها تخترق طبقات الجلد العميقة، وتدمر ألياف الكولاجين والإيلاستين، مما يؤدي إلى التجاعيد والترهلات والتصبغات دون أن يشعر السائق بأي حرارة حارقة.
درس من التاريخ الطبي: حالة سائق الشاحنة
لعل أبرز دليل طبي وثق هذا التأثير هو الحالة الشهيرة التي نشرتها "مجلة نيو إنجلاند الطبية" (NEJM) في عام 2012. حيث عرضت صورة لسائق شاحنة يبلغ من العمر 69 عاماً، قضى 28 عاماً من حياته خلف المقود. كانت النتيجة صادمة؛ فالجانب الأيسر من وجهه (المواجه للنافذة) بدا وكأنه لشخص يبلغ الثمانين من عمره، مليئاً بالتجاعيد العميقة والترهلات، بينما بدا الجانب الأيمن (الذي كان في الظل داخل المقصورة) أصغر بسنوات عديدة. هذه الحالة، التي شُخصت بـ "الشيخوخة الضوئية الأحادية" (Unilateral Dermatoheliosis)، أصبحت مرجعاً عالمياً يؤكد أن الزجاج الجانبي للسيارات لا يوفر الحماية اللازمة.
الفرق بين الزجاج الأمامي والجانبي
من الحقائق التي يجهلها الكثيرون أن هناك فرقاً في التصنيع بين الزجاج الأمامي والزجاج الجانبي للسيارات. يتم تصنيع الزجاج الأمامي عادة من زجاج مصفح (Laminated) يحتوي على طبقة بلاستيكية تحجب معظم الأشعة فوق البنفسجية بنوعيها لحماية السائق في حالات الحوادث، وهذا يوفر حماية من الشمس أيضاً. في المقابل، يُصنع الزجاج الجانبي والخلفي غالباً من الزجاج المقسى (Tempered)، والذي يسمح بمرور نسبة كبيرة من أشعة UVA، مما يعرض السائقين والركاب لخطر تراكمي صامت.
الوقاية والحلول المتاحة
نظراً لأننا نقضي ساعات طويلة في التنقل، يوصي الخبراء بضرورة تطبيق واقي شمس واسع الطيف (Broad Spectrum) قبل القيادة، والتركيز على اليدين والوجه والرقبة. كما يُنصح بتركيب أفلام حماية شفافة أو ملونة (تظليل) للنوافذ الجانبية، بشرط أن تكون من أنواع عالية الجودة المخصصة لعزل الأشعة فوق البنفسجية بنسبة 99%، مع مراعاة القوانين المرورية المحلية المتعلقة بنسبة التعتيم المسموح بها. إن الوعي بهذه المخاطر ليس مجرد رفاهية تجميلية، بل هو ضرورة صحية للوقاية من سرطان الجلد والحفاظ على صحة البشرة على المدى الطويل.
The post أضرار الشمس أثناء القيادة: حقائق صادمة عن شيخوخة البشرة appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.



