رغم شعور العديد من المشاهدين بالملل من دراما “الفورمات”، خصوصا تلك المقتبسة من المسلسلات التركية الطويلة التي لا تتماشى مع واقع المجتمعات العربية، فإن الجمهور نفسه قرر إعطاء فرصة لمسلسل “العميل” السوري، المقتبس من المسلسل التركي “في الداخل” (Icerde).

ساهم في ذلك اختيار أبطال العمل وعلى رأسهم النجم أيمن زيدان، الذي لطالما كان محبوبا ولم يخذل جمهوره.

ينتمي المسلسل السوري “العميل” إلى فئة الدراما البوليسية، حيث الجرعات المتدفقة من الأكشن والإثارة وعالم الجريمة الوعر دون أن يخلو من بعض الأجواء الرومانسية.

تدور القصة حول شقيقين، “أمير” (سامر إسماعيل) و”غسان/وسام” (وسام فارس)، حيث يُختطف الأخير صغيرا على يد رجال “ملحم” (أيمن زيدان)، أحد كبار رؤوس المافيا، ويفترق الشقيقان طيلة حياتهما، لكن الأقدار تجمعهما مجددا في سلك الشرطة، كل منهما لأسباب مختلفة، دون أن يعرفا صلة الدم التي تربطهما.

وفي حين يُزيف أمير خروجه عن مساره البوليسي ويلتحق بعصابة ملحم يعمل متخفيا كعميل تابع للشرطة، يكون شقيقه بمثابة عين سرية أيضا لكن لملحم، حيث ينقل له تحركات الشرطة وتفاصيل محاولاتها الإيقاع بالمافيا، ومع توالي الأحداث تتقاطع طرق الشقيقين وتشتعل بينهما حدة العداء.

لا يشبه المجتمعات العربية.. ولكن!

بالنظر إلى حبكة العمل، يسهل استنتاج أنه لا يُشبه ما يواجهه المواطن العربي في شوارع المدينة، فنحن لسنا مجتمعات عصابات تُريق دماء الأبرياء على أسفلت الطريق بدم بارد، ومع ذلك سرعان ما تعلّق المشاهدون بالحلقات وصاروا ينتظرون الجديد بفارغ الصبر للأسباب التالية:

إثارة حتى اللحظة الأخيرة

يبدأ العمل منذ الحلقة الأولى بأحداث مشتعلة تزداد حدة دقيقة بعد أخرى وصولا للنهاية التي تُبقي المتفرج مترقبا طوال 24 ساعة، وهو الحال التي انطبقت على كافة الحلقات التي عُرضت حتى الآن.

هذا القدر العالي من التشويق ضاعف حماس المشاهدين وزاد تعلّقهم بالقصة، والأهم جعلهم لا يشعرون بالملل أو أي تباطؤ بالأحداث، خاصة مع وجود مفاجآت غير متوقعة بكل حلقة تقريبا.

 

البُعد عن قصص الحب الاستفزازية

بعد عرض مسلسلات مثل “عروس بيروت” و”ستيلتو” و”الثمن” و”كريستال” وتشبّع الجمهور بها حتى التخمة، كان لدى صانعي مسلسل “العميل” ما يكفي من الذكاء والفطنة لاختيار الابتعاد عن قصص الحب غير المنطقية، التي لا تلبث أن تستفز الجمهور لفرط عدم واقعيتها ورومانسيتها المبالغة.

مُفضلين التغريد منفردين عبر فئة درامية أكثر إثارة، وتُتيح للجمهور الذي أدار ظهره لمسلسلات الفورمات أسبابا جديدة، سواء لمعاودة الرهان أو المتابعة.

اللعب مع الكبار

يضم العمل مجموعة من النجوم المجتهدين، في مقدمتهم الممثل السوري أيمن زيدان، الذي يُجيد تقديم الشخصيات المركبة، وهو تماما ما فعله هذه المرة أيضا، إذ يُجسد شخصية رجل مافيا يتخفى خلف شخصية أخرى لصاحب مطعم، لكن الأهم أنه يلعب كذلك دور الأب الذي يحب أولاده ويسعى لحمايتهم مهما كلفه الأمر.

وهو التحدي الذي راق لزيدان وشجعه على قبول الدور، كون الشخصية غير نمطية ومتعددة الانفعالات، ولديها أطياف مختلفة تجمع بين الخير والشر قبل أن يحاول صبغها بروح عربية عاطفية قدر الإمكان.

 

أما المفاجأة التي لم يتوقعها الجمهور كانت عودة الممثلة السورية يارا صبري إلى شاشة التلفزيون بعد غياب منذ مسلسل “أوركيديا” في 2017، حيث تلعب دور “يارا” أم البطلين، المرأة المكلومة دوما سواء لسجن زوجها أو فقدان صغيرها، وشتات عقل ابنها الأكبر وخروجه عن المسار الذي تمنته له دوما، وهو ما تجسده بأداء شديد العفوية والبساطة وحِس أمومي راقٍ وحقيقي.

ووفقا لكل من زيدان وصبري، فإن السبب الأصلي خلف قبولهم العمل بدراما مُعربة وليست أصلية، هو اختلاف العمل عن نظائره الأخرى المأخوذة عن فورمات تركي، بالإضافة إلى عمق الشخصيات وتأرجحها بين القوة والتجبّر والمشاعر الإنسانية.

التمثيل بجدية

شهد العمل مباريات تمثيلية متوازنة بين مختلف الأبطال، على رأسهم بالطبع سامر إسماعيل ووسام فارس، حيث تعامل الجميع مع أدوارهم بجدية ودون استخفاف، خاصة مع ضخامة العمل وحقيقة كونه يتطلب مجهودا مضاعفا في ما يخص مشاهد الحركة والتشويق، حتى إنه يكاد يكون قريبا لتجربة سينمائية متكاملة.

رغم كل تلك الإيجابيات، فإن من شاهدوا النسخة التركية يصرون على تفوقها على النسخة العربية بالمشاهد القتالية والمطاردات، وأن “العميل” محض محاولة للاستنساخ، لكن هؤلاء الذين يتعرفوا على القصة لأول مرة في ثوبها العربي أكدوا إعجابهم بالعمل واستعدادهم لمتابعته كاملا حتى لو كان 90 حلقة كعادة المسلسلات المأخوذة عن فورمات تركي.

وهو ما جرى ترجمته بوضوح لأرقام عبر منصة “شاهد”، حيث وصل العمل بعد طرحه قائمة الأعلى مشاهدة، ولا يزال قابعا بها بعد مرور الشهر الأول على بدء العرض، فهل تظل كفته راجحة حتى النهاية مع كل ما يُخبئه من التواءات لن تلبث أن تُغيّر موازين الحكاية؟

“العميل” مسلسل سوري مقتبس عن المسلسل التركي “في الداخل”، وهو مناسب لذائقة محبي الدراما البوليسية وجرائم العصابات، من إنتاج مجموعة إم بي سي وشركة القمر التركية، كتب السيناريو والحوار للنسخة العربية رامي كوسا، وأخرجه بارباروس بيلجن.

أما البطولة فهي عربية مشتركة، ضمت مجموعة من النجوم السوريين واللبنانين، أهمهم: أيمن زيدان، سامر إسماعيل، وسام فارس، طلال الجردي، يارا صبري، عبدو شاهين، رشا بلال، وميا سعيد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version