على ضوء الحرب الأوكرانية، طلبت عدّة دول أوروبية أسلحة كثيرة من الولايات المتحدة، بدءاً من صواريخ جافلين المضادة للمدرعات ومروراً بأنظمة الدفاع الجوي ودبابات أبرامز، ووصولاً إلى راجمات الصواريخ هيمارس. ولكن بروكسل تسعى حالياً إلى تقليل الاعتماد على الحليف الأمريكي.
قمة بعد قمة لحلف شمال الأطلسي، الناتو، تتضح الرسالة الأمريكية الموجهة للحلفاء الأوروبيين: إرفعوا مستوى الإنفاق الدفاعي.
وإذا كانت الرسالة الأولى تُقال على الملأ، فهناك تكملة لها لا توجَّه إلا في الاجتماعات المغلقة: إرفعوا مستوى الإنفاق الدفاعي ولكن اشتروا الأسلحة الأمريكية.
غير أن القادة الأوروبيين يبدون مقاومة لهذا الطلب لعدّة أسباب.
فالرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قال في براتيسلافا الشهر الماضي، إن على أوروبا تطوير قاعدة تكنولوجية وصناعية دفاعية أوروبية حقيقية، لتأمين سيادة دفاعية أوروبية كاملة.
وتبدو فرنسا عرّابة هذا المشروع الأوروبي الذي يواجه صعوبات جمّة حتى الآن.
ورغم أن الإنفاق العسكري الأوروبي في الناتو لم تبلغ نسبته الـ2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لكلّ عضو في التكتل -وهو ما تطالب به واشنطن منذ سنوات- إلا أن ارتفاعاً ملحوظاً في الإنفاق سُجّل مؤخراً.
في 2022 ارتفع الإنفاق بنسبة 13 بالمئة ليبلغ 345 مليار يورو، بزيادة بقيمة 33 بالمئة عن نسبة الإنفاق قبل نحو عشر سنوات.
ويعود السبب الأساسي في ذلك طبعاً للحرب في أوكرانيا.
ماذا تريد واشنطن؟
ترغب الولايات المتحدة في أن تستمر الدول الأوروبية في الإنفاق على ميزانياتها الدفاعية عبر التعاقد مع شركات أمريكية.
وواشنطن مهتمة أيضاً في ألا يأتي يوم تنفق فيه الدول الحليفة الأوروبية الأموال داخلياً، فتشتري الأسلحة من مصنّعين أوروبيين.
ولكن هل القطاع الصناعي الأوروبي قادر حالياً على تأمين الطلبات الطارئة؟
هناك شكوك في هذه النقطة تعود لثلاثة عقود تقريباً بحسب ما يشير إليه ماكس بيرغمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
توتر في بروكسل
تدور منذ أشهر بين الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي نقاشات موسّعة حول السياسة الدفاعية الأوروبية الجديدة. هل تتعاقد تلك الدول مع شركات أوروبية فقط؟
هذا ما يدفع إليه الرئيس الفرنسي ماكرون، والمفوض الأوروبي للسوق الداخلية، تيري بروتون، وهو رجل فرنسي أيضاً. موقف باريس هذا، بحسب بوليتيكو، فيه شيء من الحماية الاقتصادية في القطاع الدفاعي.
وكان بروتون قال الشهر الماضي إن الهدف الأوروبي يتمثل بدعم القطاع الدفاعي الأوروبي عبر ضخ الأموال الأوروبية فيه.
ولكن هناك الرغبة وهناك الواقع.
ومن المستبعد أن يتمكن القطاع الأوروبي من تأمين استقلاليته سريعاً.
صحيح أنّ عدّة دول أوروبية أنجزت مشاريع عسكرية مهمة من مقاتلات رافال الفرنسية إلى دبابات ليوبارد الألمانية إلى نظام “بيورون” البولندي للدفاع الجوي ولكن المشاريع المشتركة تطلّبت وقتاً أطول بكثير.
واليوم، في ظلّ الحرب على أوكرانيا، هناك حاجة ماسّة إلى التسلّح بأسرع وقت.
طلبيات كثيرة
طلبت عدّة دول أوروبية أسلحة كثيرة من الولايات المتحدة مؤخراً، بدءاً من صواريخ جافلين المضادة للمدرعات ومروراً بأنظمة الدفاع الجوي ودبابات أبرامز، ووصولاً إلى راجمات الصواريخ هيمارس.
وستشتري سلوفاكيا طائرات إف-16 من الولايات المتحدة، بينما تفاوض بوخارست ومدريد حالياً واشنطن من أجل شراء مقاتلات إف-35.
وعّبرت برلين وباريس عن قلقهما من رغبة مدريد في شراء إف-35 الأمريكية خصوصاً وأن إسبانيا تشارك في مشروع مقاتلة المستقبل الأوروبية.