شدد ماكرون على أهمية تحقيق “استقلالية استراتيجية” لأوروبا، معتبرًا أن تعيين سكوت مورتون “ليس بالضرورة القرار المناسب في هذا الصدد”.
تخلت الخبيرة الاقتصادية الأميركية فيونا سكوت مورتون عن منصب مهم في الاتحاد الأوروبي لتنظيم عمل مجموعات التكنولوجيا العملاقة، على أثر جدل يتعلق بجنسيتها الأميركية، كما كتبت المفوضة الأوروبية مارغريت فيستاغر في رسالة نشرت الأربعاء.
وقالت فيستاغر على تويتر: “أبلغتني فيونا سكوت مورتون بقرارها عدم قبول منصب كبير الاقتصاديين لشؤون المنافسة. أقبل ذلك بأسف”.
وكتبت فيونا سكوت مورتون في رسالتها إلى فيستاغر “نظرًا للجدل السياسي الناجم عن اختيار شخص غير أوروبي لشغل هذا المنصب، وأهمية حصول الإدارة العامة للمنافسة على الدعم الكامل من الاتحاد الأوروبي. رأيت أن أفضل شيء بالنسبة لي هو الانسحاب”.
تنديد من ماكرون
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد اعتبر الثلاثاء أن تعيين الأميركية فيونا سكوت مورتون في منصب مهم في الاتحاد الأوروبي لتنظيم عمل مجموعات التكنولوجيا العملاقة “يثير تساؤلات”، مشيرًا إلى أنه ينتظر ردًا من المفوضية الأوروبية.
وأدلى ماكرون بهذه التصريحات على هامش قمة للدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد ودول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، قبل جلسة للبرلمان الأوروبي للاستماع إلى مارغريت فيستاغر نائبة رئيس السلطة التنفيذية الأوروبية، التي دافعت عن هذا التعيين.
وقالت فيستاغر: “حاولت توظيف أفضل شخص ممكن لهذه الوظيفة”، مشددة على أن المنصب الاستشاري ولا يسمح باتخاذ قرارات.
وصرح إيمانويل ماكرون الثلاثاء قائلًا: “إذا لم يكن لدينا باحث أوروبي من هذا المستوى ليتم توظيفه من قبل المفوضية، فهذا يعني أن لدينا مشكلة كبيرة جدًا مع جميع الأنظمة الأكاديمية الأوروبية”.
وأشار الرئيس الفرنسي إلى غياب “المعاملة بالمثل” من جانب الولايات المتحدة والصين في تعيين أوروبيين في مناصب “في صلب قراراتهم”.
وأثار تعيين سكوت مورتون في منصب كبير الاقتصاديين في الإدارة العامة للمنافسة استياء لدى أعضاء البرلمان الأوروبي. وتجاهلت المفوضية الأوروبية موقفهم وكذلك طلب الحكومة الفرنسية إلغاء تعيين أستاذة الاقتصاد في جامعة ييل المرموقة.
رسالة إلى رئيسة المفوضية
لكن يبدو أن المفوضية الأوروبية منقسمة. فقد ذكر مسؤول كبير في مقر الاتحاد أن خمسة مفوضين هم الإسباني جوزيب بوريل والفرنسي تياري بريتون والبرتغالية إليسا فيريرا والإيطالي باولو جينتيلوني واللوكسمبورغي نيكولاس شميت، وجهوا رسالة إلى فون دير لايين، مطالبين بإعادة النظر في هذا التعيين.
وعبر المسؤول لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته عن أسفه لغياب النقاش والشفافية. وقال: “عند الاختيار لم يكن واضحًا أن المرشحة للمنصب أميركية وأن هناك تضارب مصالح محتملًا”.
وأشار نواب باستياء إلى المناصب السابقة لسكوت مورتون من رئيسة للتحليل الاقتصادي في قسم مكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأميركية بين 2011 و2012 إلى مستشارة لمجموعات كبرى للتكنولوجيا مثل أمازون وآبل ومايكروسوفت.
وهم يدينون إمكانية حدوث تضارب في المصالح وخطر تدخل من واشنطن في قرارات الاتحاد الأوروبي.
وقال الرئيس الفرنسي إنه يكن “احترامًا كبيرًا” للخبيرة الأميركي. وأضاف أنها “عملت لعدد كبير من الشركات ويجب أن تكون في منأى عن هذه المواقف وهذا ما يجعل مبرر توظيفها غير مجد”.
وشدد ماكرون على أهمية تحقيق “استقلالية استراتيجية” لأوروبا، معتبرًا أن تعيين سكوت مورتون “ليس بالضرورة القرار المناسب في هذا الصدد”.
“مأمور أميركي”
وفي جلسة البرلمان الأوروبي، قالت فيستاغر ردًا على النواب إن “فكرة أنها عملت لمجموعات كبرى للتكنولوجيا وأنها بسبب ذلك لا تستطيع العمل في قطاع التكنولوجيا ليست صحيحة”، مشيرة إلى أن عملها كان “استشاريًا” و”لم يكن يومًا ترويجيًا”.
لكنها اعترفت بأن هناك بعض الملفات التي لا يمكن أن تشارك سكوت مورتون فيها لتجنب تضارب مصالح، مؤكدة في الوقت نفسه أنها “هذه حالات قليلة جدًا، بضعة ملفات على الأكثر”.
ورفضت كشف هذه الملفات بسبب “طابعها السري” على الرغم من الطلبات الملحة لعدد كبير من أعضاء البرلمان الأوروبي.
وأوضحت أن الإعلان عن فتح المنصب لمرشحين غير أوروبيين نُشر في بلاغات الوظائف الشاغرة في آذار/مارس، مبررة ذلك بندرة المهارات المطلوبة.
وأكدت مفوضة المنافسة أن المفوضية لم تتلقَ سوى 11 ترشيحًا يستوفي أربعة منها المعايير المطلوبة للوظيفة.
والإدارة العامة للمنافسة مكلفة التأكد من حسن سير المنافسة في الاتحاد الأوروبي والتحقيق خصوصًا في انتهاكات الموقع المهيمن للمجموعات الكبرى للتكنولوجيا التي أفضت إلى فرض غرامات كبيرة على هذه الشركات في السنوات الأخيرة.
ويأتي تعيين سكوت مورتون بينما يفترض أن يضع الاتحاد الأوروبي تشريعات طموحة جديدة لتنظيم هذا القطاع.
وقالت النائبة الأوروبية ستيفاني يون-كورتان (كتلة التجديد للوسطيين والليبراليين): “هل وضعنا حدًا للتغول الرقمي لنعين مأمورًا أميركيًا؟”، مؤكدة أن “هذا التعيين يتعارض مع سيادتنا”.
من جهته أكد النائب اليميني جوفروا ديدييه أن “فيستاغر لم تقنع البرلمان الأوروبي وتظاهرت بعدم فهم المشاكل”.
وأضاف أن “العناد في هذا التعيين سيكون خطأ سياسيًا جسيمًا للمفوضية”.
المصادر الإضافية • أ ف ب