على مدى سنوات طويلة، لعبت روسيا دورًا رئيسيًا في دعم نظام بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، حيث برز تدخلها العسكري كخطوة حاسمة أعادت الأسد من حافة الانهيار.
وهذا التدخل، الذي شمل شن هجمات جوية مكثفة وتقديم دعم عسكري، عزز صورة موسكو كقوة عالمية مؤثرة في الشرق الأوسط، وحقق مكاسب استراتيجية مثل توسيع قواعدها العسكرية على الساحل السوري.
لكن هذه المكاسب بدأت تتلاشى مع الأحداث الأخيرة. خلال الأسبوع الماضي، فرّ الأسد إلى موسكو مع انهيار نظامه أمام هجوم سريع للمعارضة المسلحة، مدعومًا من تركيا. وفشلت روسيا وإيران، حليفاه الرئيسيان، في وقف هذا الانهيار الذي كشف عن هشاشة النظام السوري وغياب أي حلول سياسية مستدامة. وتمثّل هذه التطورات نقطة تحول جديدة قد تُعيد تشكيل خريطة النفوذ في سوريا والشرق الأوسط.
ولم تُترجم المكاسب إلى استقرار طويل الأمد. وبدلًا من ذلك، رفض الأسد التنازلات السياسية، مما أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا. ووسط انشغال موسكو بحربها في أوكرانيا، انهار جيش الأسد أمام المعارضة التي تدعمها تركيا، وهو ما تسبب في زعزعة استقرار النظام بسرعة غير متوقعة.
ومع سيطرة المعارضة على دمشق، تسعى روسيا للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في سوريا، مثل قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس. ورغم رفع علم المعارضة فوق السفارة السورية في موسكو، فإن السلطات الجديدة أظهرت استعدادها للحوار مع روسيا، مما قد يساعد في تأمين هذه المصالح، وإن كانت تبقى عرضة للتحديات المتزايدة.
وعلى الصعيد الدولي، يمثل انهيار الأسد صدمة دبلوماسية لموسكو، حيث يأتي في وقت تعاني فيه روسيا من عزلة دولية بسبب حربها في أوكرانيا. ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخسارة على قدرة بوتين على المناورة في المفاوضات القادمة، سواء في سوريا أو أوكرانيا، حيث يُنظر إلى هذه الهزيمة كضربة لهيبته الدولية. ومع ذلك، يرى مراقبون أن روسيا قد تعتمد على تكتيكات أكثر تشددًا لتعويض خسائرها في الشرق الأوسط، مما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوتر.