بقلم: يورونيوز

نشرت في

عُثر على غسان نعسان السخني، القيادي السابق في جيش النظام السوري والمُلقّب بـ”الطرماح”، مقتولًا في منطقة أدما بقضاء كسروان، بعد ساعات من اختفائه في ظروف غامضة، ما أثار تساؤلات واسعة بشأن وجود ضباط النظام السابق في لبنان.

ووفق وسائل إعلام لبنانية، فُقد الاتصال بالنعسان ليل الأحد 22 كانون الأول، قبل أن يُعثر لاحقاً على جثته قرب منزل كان يقيم فيه في منطقة كسروان.

تفاصيل الساعات الأخيرة

بحسب المعلومات المتداولة، استقل النعسان سيارة من طراز “هيونداي” بيضاء اللون، كان يقودها شخص مجهول، قبل العثور على جثته قرب مكان إقامته.

وأعلن الجيش اللبناني مساء أمس، عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، توقيف السوري (و.د) المشتبه بارتكابه الجريمة في بلدة كفرياسين “قضاء كسروان”، مشيراً إلى أن الدافع يعود إلى خلاف مالي، وذلك عقب عملية رصد ومتابعة نفذتها مديرية المخابرات.

من هو غسان النعسان؟

يُعد غسان النعسان أحد القادة الميدانيين البارزين في جيش النظام السوري السابق، عمل لسنوات تحت قيادة العميد سهيل الحسن ضمن ما عُرف بـ”قوات النمر”، التي تحولت لاحقاً إلى الفرقة 25 مهام خاصة.

وينحدر النعسان من بلدة قمحانة في ريف حماة الشمالي، وهي منطقة اشتهرت بكونها خزاناً بشرياً للتشكيلات العسكرية الموالية للنظام.

برز اسمه كقائد فيما سُمّي بـ”فوج الطراميح”، وشارك في معارك وُصفت بالمفصلية خلال سنوات الحرب، في دير الزور، وحلب، والغوطة الشرقية، وريف إدلب الجنوبي.

وكان النعسان قد لجأ إلى لبنان عقب سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024، وأقام لفترة في منطقة طبرجا.

جدل متصاعد: ملاذ آمن للضباط السابقين؟

في هذا السياق، أشار موقع “ذا ميديا لاين” الأميركي إلى تصاعد الجدل حول وجود مئات الضباط والعناصر العسكريين من النظام السوري السابق داخل الأراضي اللبنانية، وسط اتهامات لبيروت بتوفير ملاذ يتيح لهم الإفلات من الملاحقة القضائية.

وأوضح الموقع أن دمشق سلّمت بيروت قائمة تضم نحو 300 ضابط، مرفقة بمعلومات دقيقة عن أماكن وجودهم وتحركاتهم، ما يعكس وفق التقرير متابعة استخباراتية سورية لصيقة لهذا الملف.

ونقل الموقع عن مصدر أمني سوري، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن تقارير تشير إلى قيام حزب الله ببناء مجمّع سكني محاط بجدار إسمنتي مرتفع في منطقة الهرمل، لإيواء ضباط وعناصر سوريين سابقين مع عائلاتهم.

وأضاف المصدر أن النفي اللبناني المتكرر لوجود مطلوبين دولياً يتناقض مع معطيات إعلامية وقضائية، من بينها مقابلة صحفي أمريكي مع بسام الحسن، المدرج على لوائح العقوبات الأمريكية، والمتورط في اختطاف الصحفي الأمريكي أوستن تايس، من شقته في الضاحية الجنوبية لبيروت.

كما أشار المصدر إلى الطلب الفرنسي الأخير بتسليم العميد جميل الحسن، المدير السابق لمديرية المخابرات الجوية السورية، وهو ما نفت السلطات اللبنانية علمها بمكان وجوده.

ويرى خبراء أن بعض الضباط السوريين السابقين يتمتعون بإقامات قانونية في لبنان، ما يزيد تعقيد مسألة تسليمهم، ويجعل الملف خاضعاً لمراقبة أمنية واستخباراتية دقيقة خشية أي تداعيات داخلية.

ويربط محللون هذا الملف بثلاث أزمات رئيسية تعرقل تطور العلاقات اللبنانية السورية بعد سقوط النظام الأسد: أولها تأخير نقل آلاف السجناء السوريين من لبنان إلى سوريا، أما الملف الثاني فهو لجوء مئات الضباط والقادة العسكريين إلى لبنان، بعضهم خاضع لعقوبات دولية ومذكرات توقيف، مع اتهامات باستخدام الأراضي اللبنانية لزعزعة الاستقرار في سوريا، وأخر هذه الملفات بحسب الموقع الأمريكي يتعلق بالخلاف المالي المتعلق بمطالب دمشق باستعادة أموال المودعين السوريين المحتجزة في المصارف اللبنانية.

اهتمام دولي وضغوط متزايدة

حظي ملف الضباط السوريين في لبنان باهتمام دولي متزايد، لا سيما في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، حين تلقت السلطات اللبنانية طلباً قضائياً رسمياً من فرنسا للتحقق من وجود مسؤولين سابقين في النظام السوري واعتقالهم وتسليمهم، في إطار تحقيقات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بينها قضايا تتعلق بوفاة مواطنين فرنسيين أثناء احتجازهم في سوريا.

وأكدت مصادر مطلعة أن التحقيقات شملت تتبع أماكن الإقامة والتحركات والاتصالات، ما يبرز الطابع الدولي المعقد والحساس لهذا الملف.

زيارات أمنية وتحركات ميدانية

بحسب وسائل إعلام لبنانية زار وفد أمني سوري بيروت في 19 كانون الأول الحالي، وعقد لقاءات مع مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي ومسؤولين أمنيين آخرين.

وتمحورت الاجتماعات حول شخصيات محسوبة على النظام السوري السابق يُعتقد بوجودها داخل الأراضي اللبنانية، وسط تقارير عن جولات ميدانية قام بها مساعد مدير المخابرات السورية العميد عبد الرحمن دباغ في بيروت.

حيث ذكرت مصادر صحفية أن دباغ جال على عدد من المقاهي والمطاعم في بيروت بحثاً عن مسؤولين في النظام السابق.

كما رصدت صوراً للدباغ في بيروت على مواقع التواصل الاجتماعية نشرها أحد الأشخاص الذين كانوا ضمن الوفد الأمني.

تساؤلات مفتوحة بعد جريمة كسروان

يضع مقتل غسان النعسان في كسروان هذا الملف مجدداً تحت المجهر، ويطرح تساؤلاً جوهرياً: هل يشكّل لبنان ملاذاً آمناً لضباط النظام السوري السابق؟

وبين كل هذه الاعتبارات القانونية، والحسابات السياسية، والضغوط السورية والدولية، يبقى مصير هؤلاء الضباط معلّقاً، فيما تجد بيروت نفسها أمام خيارات حاسمة ستحدد شكل علاقتها المستقبلية مع دمشق، وحدود التزامها بالعدالة الدولية.

شاركها.
اترك تعليقاً

© 2025 الشرق اليوم. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version