دونالد ترامب، هو خامس رئيس أمريكي يحن إلى العودة إلى البيت الأبيض بعد فقدان منصب الرئاسة.. ولم ينجح من أولئك النفر سوى رئيس واحد هو جروفر كليفلاند، الذي عاد إلى الرئاسة عام 1892 للمرة الثانية. فمن هو دونالد ترامب؟
ترامب، ذو الشخصية المثيرة للجدل، انطلق من عالم العقارات ليصل إلى قمة السياسة الأمريكية. تحكي مسيرته من رجل أعمال ملياردير إلى رئيس للولايات المتحدة قصة تحوّل استثنائية، حيث جذب حوله جمهورًا واسعًا وحافظ على حضوره القوي رغم التحديات والأزمات.
ولد دونالد جون ترامب في 14 يونيو 1946 بحي كوينز في نيويورك. وكان والده، فريد ترامب، رجل عقارات معروفًا، وقد ترك بصماته على شخصية ابنه دونالد، حيث شجعه على الجرأة والمثابرة. وفي سن مبكرة، التحق ترامب بأكاديمية تعليمية عسكرية بعد سلوك مشاغب، ثم أكمل دراسته الجامعية في كلية وارتون للاقتصاد بجامعة بنسلفانيا.
البداية في قطاع العقارات وبناء اسم ترامب
بعد انضمامه لشركة والده في السبعينيات، غيّر ترامب اسم الشركة إلى “مؤسسة ترامب” وبدأ في تحويل المشاريع من الأحياء السكنية إلى العقارات الفاخرة في مانهاتن. وفي عام 1983، أنشأ برج ترامب الشهير في فيفث أفنيو، وهو مشروع اعتبر أحد رموز الرفاهية، ورسّخ علامته التجارية كرجل ناجح في قطاع العقارات.
التوسع إلى عالم الترفيه والشهرة
ولم تتوقف طموحات ترامب عند العقارات، بل دخل مجال الترفيه، إذ امتلك حقوق مسابقات ملكة جمال الكون، وظهر في برنامج “المتدرب” التلفزيوني، حيث أصبح معروفًا بعبارته الشهيرة “أنت مطرود!”. زادت هذه الشهرة من جماهيريته وأكسبته شعبية واسعة، مما سهل له الترويج لأفكاره وجعله وجهًا مألوفًا في منازل الأمريكيين.
حياة شخصية مليئة بالتفاصيل
كما كانت حياة ترامب الشخصية محط اهتمام وسائل الإعلام، حيث تزوج ثلاث مرات: من إيفانا زيلنيكوفا، التي أنجب منها دونالد جونيور، إيفانكا، وإريك؛ ثم من مارلا مابيلز، وأنجب منها تيفاني؛ وأخيرًا من ميلانيا كناوس، التي أنجبت ابنه بارون. رافقت حياته سلسلة من الفضائح القانونية والشخصية، لكنه حافظ على صلابته وواصل مشواره.
من مشاهد تلفزيونية إلى حملة انتخابية
وفي عام 2015، أعلن ترامب عن ترشحه للرئاسة بشعار “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا”. قاده أسلوبه الشعبوي وتصريحاته الحادة إلى كسب دعم جماهير واسعة، وتحدى كافة التوقعات ليصل إلى البيت الأبيض بعد فوزه على هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016.
رئاسة مليئة بالإنجازات والأزمات
وقد شهدت فترة رئاسة ترامب العديد من الإنجازات والتحديات. على المستوى الاقتصادي، انخفضت البطالة لمستويات قياسية قبل جائحة كورونا، وقاد ترامب سياسات تقليص الضرائب، ما دعم قطاع الأعمال وخلق فرص عمل جديدة. كما فرض سياسات تجارية صارمة تجاه الصين لحماية الاقتصاد الأمريكي، وأعاد التفاوض على اتفاقية نافتا مع كندا والمكسيك، ليحسّن من شروطها لصالح العمالة الأمريكية.
أما في السياسة الخارجية، فقد نجح في التوصل لاتفاقيات تطبيع بين إسرائيل ودول عربية، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين، في ما يُعرف بـ “اتفاقيات إبراهيم”. كما اعتمد سياسة الضغط الأقصى على إيران للحد من نفوذها الإقليمي وتقييد برنامجها النووي.
خسارته أمام بايدن وطموحاته للعودة
وعلى الرغم من حصوله على دعم الملايين من الأمريكيين، خسر ترامب انتخابات 2020 أمام جو بايدن. وبعدها، اتهم ترامب النظام الانتخابي بالفساد، ما أدى إلى توترات كبيرة بين أنصاره ومعارضيه. ولكنه لم يتراجع، وعاد في 2024 بترشحه مرة أخرى لرئاسة الولايات المتحدة، متعهدًا بإعادة البلاد إلى “عظمتها” وإصلاح ما يسميه بـ “أخطاء الإدارة الحالية”.
رؤيته المستقبلية إذا فاز بالرئاسة
إذا فاز ترامب في الانتخابات القادمة، فإنه يتطلع إلى تحقيق أجندة تشمل تعزيز سيادة الحدود، وتشديد السياسات الهجرية، وتخفيض الإنفاق الحكومي، إلى جانب توسيع الإنتاج المحلي ليقلل الاعتماد على الاستيراد. كما يهدف إلى إعادة ترتيب الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة بما يعزز مكانتها العالمية في ظل المنافسة مع الصين وروسيا، والتركيز على تحسين البنية التحتية وتقوية الاقتصاد الأمريكي.
بهذه الرؤية، يحاول ترامب استقطاب الناخبين المتعطشين للعودة إلى السياسات القومية المتشددة، ويعيد تقديم نفسه كمنقذ للوطن، بوعود تلامس احتياجات الأمريكيين وتعيد لهم الثقة في النظام الاقتصادي والسياسي.
ترامب شخصية فريدة وصلبة، لكنها تبقى رمزًا للجدل في الساحة السياسية الأمريكية.