بقلم: يورونيوز
نشرت في
أثارت عودة الناشط البريطاني المصري علاء عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة جدلا سياسيا واسعا، بعد سنوات من السجن والقيود في مصر، وسط انتقادات حادة من سياسيين محافظين ومنظمات يهودية بسبب منشورات قديمة على وسائل التواصل الاجتماعي نُسبت إليه ووصفت بأنها عنيفة ومعادية للسامية.
وكان عبد الفتاح قد وصل إلى بريطانيا في 26 كانون الاول/ديسمبر، بعد أن رفعت السلطات المصرية حظر السفر المفروض عليه منذ الافراج عنه في أيلول، ما أتاح له مغادرة البلاد للمرة الاولى منذ أكثر من عقد.
ترحيب حكومي يتحول إلى أزمة سياسية
ورحب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر علنا بعودة عبد الفتاح، قائلا إنه “مسرور بلم شمله مع عائلته”، ومشيدا بجهود افراد اسرته وكل من عمل على قضيته خلال السنوات الماضية.
غير أن هذه التصريحات سرعان ما تحولت إلى محور هجوم سياسي، بعد إعادة تداول منشورات قديمة على وسائل التواصل الاجتماعي تعود إلى الفترة بين عامي 2010 و2012، قال منتقدون إنها تتضمن دعوات إلى العنف وإشارات عدائية تجاه “الصهاينة” والشرطة، ما دفع معارضين إلى اتهام الحكومة بمنح “تأييد غير مشروط” لشخصية مثيرة للجدل.
من هو علاء عبد الفتاح
برز عبد الفتاح، وهو كاتب ومطور برمجيات وناشط مؤيد للديمقراطية، خلال ثورة 2011 في مصر وفي سياق اما عُرف بـ”الربيع العربي”. وكان من اوائل مستخدمي التدوين السياسي باللغة العربية، حيث استخدم المنصات الرقمية لمناقشة الاصلاح السياسي والحريات المدنية وانتقاد اداء السلطات.
ومنذ عام 2013، تعرض لسلسلة من الاعتقالات والملاحقات القضائية، شملت اتهامات بتنظيم احتجاجات غير مرخصة ونشر معلومات كاذبة. وفي عام 2021، صدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات، في محاكمة قالت منظمات حقوقية وخبراء في الامم المتحدة إنها افتقرت إلى المعايير العادلة.
العفو الرئاسي ورفع حظر السفر
في أيلول/سبتمبر 2025، صدر عفو رئاسي عن عبد الفتاح من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقب ضغوط دولية وحملات قادتها عائلته بدعم من حكومات بريطانية متعاقبة. وبعد ذلك، رفعت السلطات المصرية حظر السفر عنه، ما سمح له بالتوجه إلى المملكة المتحدة، حيث يحمل الجنسية البريطانية عبر والدته المولودة في لندن.
وكانت والدته، ليلى سويف، قد نفذت اضرابا طويلا عن الطعام استمر اشهرا، للضغط على الحكومة البريطانية من أجل تكثيف تحركاتها الدبلوماسية في قضيته.
منشورات قديمة تعود إلى الواجهة
بعد وصول عبد الفتاح إلى لندن، جرى تداول منشورات قديمة نُسبت إليه على وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبر منتقدون أنها تتضمن لغة عنيفة ومعادية للسامية. وسبق أن استُخدمت بعض هذه المنشورات في جدالات سابقة، من بينها سحب ترشيحه لجائزة أوروبية لحقوق الانسان عام 2014.
ورد عبد الفتاح على هذه الانتقادات باعتذار علني، قائلا إن بعض المنشورات “حُرفت بالكامل عن معناها”، وإن اخرى كتبها في سياق “غضب سياسي خلال أزمات اقليمية”، مضيفا أنه “يفهم اليوم مدى صدمتها وإيذائها” ويعتذر عنها “بشكل لا لبس فيه”.
تصعيد من المحافظين ومطالب بسحب الجنسية
ودعا سياسيون في حزب المحافظين، من بينهم روبرت جينريك، الحكومة إلى إدانة هذه المنشورات بشكل صريح، فيما طالب اخرون، مثل نايجل فاراج وكيمي بادنوك، بمراجعة وضع عبد الفتاح القانوني، والنظر في امكانية سحب جنسيته البريطانية وترحيله.
واعتبر منتقدون أن منحه الجنسية في عام 2021 تم عبر مسار قانوني خاص لم يخضع لاختبار “حسن السيرة والسلوك”، ما أثار نقاشا اوسع حول آليات منح الجنسية في حالات مماثلة.
موقف الحكومة وردود الجالية اليهودية
من جهتها، شددت وزارة الخارجية البريطانية على أن العمل من أجل الافراج عن عبد الفتاح كان “أولوية ثابتة” لدى حكومات من الحزبين الرئيسيين، مؤكدة أن ذلك لا يعني تبني أو تبرير منشوراته القديمة، التي وصفتها بأنها “غير مقبولة وبغيضة”.
في المقابل، أعربت منظمات يهودية، من بينها مجلس نواب يهود بريطانيا، عن “قلق عميق” حيال القضية، مطالبة بتوضيحات رسمية بشأن ما إذا كان عبد الفتاح لا يزال يتبنى الآراء الواردة في منشوراته القديمة، واعتبرت أن الجدل يتصل بشكل مباشر بالنقاش العام حول معاداة السامية والمعايير الاخلاقية في الحياة السياسية البريطانية.












