قد تصدر محتويات وسائل التواصل الاجتماعي، والأفلام والبطاقات البريدية صورة معينة عن أوروبا بخصوص الاحتفالات التي تقام فيها بمناسبات معينة. ولكن هل تخييلت الأوروبيين وهم يؤدون رقصات حول النيران ويقيموا طقوسا حولها؟ في الحقيقة هذا شيء موجود، ربما من قبل أن تطأ رسالة المسيح الأراضي الأوروبية.
هناك مهرجانات غير شهيرة في القارة العجوز، ولكنها لافتة جدا وهناك أسباب تاريخية قديمة لإنشائها. ففي فصلي الشتاء والربيع، ستجد احتفالات قديمة غارقة في الفولكلور والطقوس الفريدة من نوعها. إنها تقاليد تعود لمئات، بل آلاف السنين تقع ضمن مسار غير مألوف في لب الثقافة الأوروبية.
مهرجان سان أنطون: نيران ورقصات ومباركة للحيوانات
يقام مهرجان سان أنطون في جميع أنحاء الأندلس في إسبانيا، لتنبض القرى هناك بالحياة بين الـ 16 والـ 18 من كانون الثاني/ يناير.
إنه احتفال ناري يعود إلى 800 عام، مكرس للقديس أنتوني شفيع الحيوانات. إذ يتدفق أصحاب الحيوانات الأليفة إلى الكنائس ليبارك الكهنة حيواناتهم، إذا لم يكونوا يرقصون أو يغنون.
ويُعتقد أن المهرجان بدأ في القرن الثالث عشر. وكان المزارعون يحرقون أغصان الزيتون وسلال “الإسبارتو” التي كانت تُستخدم لجمع الثمار، اعتقاداً منهم أن الحرائق ستبعد الآفات وتحمي بساتين الزيتون والحيوانات من الأمراض.
أما في الوقت الحاضر، فيجتمع السكان حول النيران لشرب البيرة وتناول اليقطين المحمص والفشار وحرق الدمى المليئة بالقش، مربوطة بالمفرقعات النارية. وطوال الوقت يرقصون ويغنون الأغاني الشعبية المعروفة باسم “ميلينشونيس”.
مهرجان رأس السنة البلغارية القديمة: طرد الأرواح الشريرة
يضيء مهرجان “سورفا” القرى في بلغاريا باحتفالات مكثفة متجذرة في التراث الشعبي القديم، وذلك عادة في الأسبوع الثاني من شهر كانون الثاني/ يناير. إذ تعتبر هذه الدولة موطن أحد أقدم المهرجانات في أوروبا، وتتمركز في بلدة بيرنيك التي تبعد 35 كيلومترا غربي العاصمة صوفيا.
وتعود جذور مهرجان سورفا إلى عصور ما قبل المسيحية. وتجد فيه راقصين يرتدون أزياءً من الفراء وأقنعة حيوانية منحوتة يدويًا وأحزمة مربوطة بأجراس. ويسمى هؤلاء الراقصون “كويكري”.
يقوم “الكوكيري” باستعراض في شوارع المدينة وهم ينشدون لطرد الأرواح الشريرة والدعوة للحصول على الحظ السعيد والصحة والحصاد الوفير للعام المقبل. وفي الليل، يشعلون النيران ويغنون ويرقصون لضمان ابتعاد الأرواح الشريرة أيضاً.
أصغر مهرجان في استكتلندا
أما أحد أصغر المهرجانات الأوروبية فهو ذلك الذي يسمى “أب هيلي إيه إيه” أو (Up Helly Aa) ويمثل نهاية موسم عيد الميلاد. ويقام في آخر ثلاثاء من شهر كانون الثاني/ يناير، ببلدة ليرويك في اسكتلندا، ويعود تاريخه الرسمي إلى عام 1870.
كانوا في الماضي يحرقون براميل القطران في منتصف القرن الثامن عشر، وذلك بسبب الليالي الطويلة من الشرب وقرع الطبول والفجور العام. وفي عام 1870، أدخلوا التنكر والنيران ضمن الاحتفال.
أما اليوم، فقد تحول هذا الحدث السنوي إلى تقليد كامل لمهرجان الفايكنغ القديم وتقام فيه المسيرات، مع ارتداء أزياء شعوب الفايكنغ.
مهرجان روماني: اعثر على الحب الحقيقي
يحتفل الناس في رومانيا بمهرجان “دراغوبيتي” الشعبي في 24 شباط/ فبراير للتذكبر بالاحتفال بالحب دائما. جاء المهرجان على اسم شخصية مرتبطة بنهاية فصل الشتاء وقدوم الربيع. وهو أيضًا إله الحب.
تتجمع الفتيات والفتيان بالزي التقليدي في القرى للبحث عن زهور الربيع. وعند الظهيرة، تعود الفتيات إلى القرية وهن يركضن، إذ يطاردهنّ من يحبونهنّ. ومن غير المستغرب أن تتم الخطوبة والزواج غالبًا خلال المهرجان.
زيورخ : حريق وتوديع لفصل الشتاء
تحتفل زيوريخ بالنهاية غير الرسمية لفصل الشتاء في 28 نيسان/ أبريل 2025، و تقوم نقابات زيورخ باستعراض ينتهي بحرق تمثال على شكل رجل الثلج، ويدعى “بوغ”.
هذا ما يحصل الآن في مهرجان زيورخ. ولكن في الماضي، كان الأطفال يربطون دمى رجل الثلج بالعربات ويجرونها في الشوارع قبل حرقها. واليوم، أصبح “البوغ” عبارة عن دمية بطول 3.4 أمتار، محملة بالمتفجرات.
ويُعتقد أنه كلما زادت سرعة وصول النار إلى رأس الدمية المملوء بالمفرقعات النارية لجعلها تنفجر، كلما كان الصيف أجمل.