شهدت دمشق يومًا غير اعتيادي، حيث امتلأت شوارعها بصرخات الحرية والفرح بعد انهيار نظام بشار الأسد الذي حكم سوريا بقبضة من حديد على مدار خمسة عقود. إذ تقدم الثوار بشكل أذهل العالم خلال الأيام العشرة الأخيرة وتمكنوا من تحرير الآلاف من المعتقلين السياسيين والمفقودين من السجون التي كانت رمزًا للرعب.
وكان الكاتب بشار برهوم من بين هؤلاء الذين أُطلق سراحهم. برهوم، البالغ من العمر 63 عامًا، قضى سبعة أشهر في زنزانة مظلمة في انتظار تنفيذ حكم الإعدام. وعلى الرغم من إسهامه الثقافي وكتاباته المرموقة على مدى سنوات.. فإن برهوم صار أحد ضحايا نظام الأسد بسبب آرائه المعارضة.
وعندما استيقظ صباح الأحد على صوت باب زنزانته يُفتح، ظن أن نهايته قد حانت. لكنه سرعان ما أدرك أن الرجال الذين دخلوا لم يكونوا جلادين بل محررين، وجاؤوا ليعيدوا إليه حياته المسلوبة.
“لم أرَ الشمس حتى اليوم”، عبارة قالها برهوم في حديثه لوكالة أسوشييتد برس. وبينما كان يمشي في شوارع دمشق التي لم يعد يتعرف عليها، بدأ رحلة البحث عن وسيلة يستطيع من خلالها إخبار أسرته أنه ما زال على قيد الحياة.
ولطالما رمزت سجون الأسد للرعب. فتقارير حقوقية وشهادات ناجين وصور مسربة وثقت التعذيب المنهجي والإعدامات السرية والمجاعة التي كانت سياسة ممنهجة لإسكات المعارضة وزرع الخوف بين الناس. ففي سجن صيدنايا، الذي أطلقت عليه منظمة العفو الدولية اسم “المسلخ البشري”، تحطمت الأقفال وفتحت الزنازين التي كانت مكتظة بآلاف السجناء.
“لا تخفن، بشار الأسد سقط!” كان هذا ما قاله أحد الثوار للنساء اللواتي خرجن من زنازينهن بعد سنوات من الظلام.
وبينما يحتفل البعض بالحرية المكتسبة، ينتظر آخرون بلهفة أخبار أحبائهم الذين اختفوا منذ سنوات طويلة. أحدهم، بسام المصري، الذي قال: “إن سعادتي لن تكتمل حتى أجد ابني، الذي اعتُقل منذ 13 عامًا”.
واختلطت لحظات الفرح في دمشق بالألم والذكريات المؤلمة، لكن السوريين يأملون أن يمثل هذا السقوط فرصة لطي صفحة المعاناة وبناء مستقبل جديد لوطنهم.