بقلم: Chaima Chihi & يورونيوز

نشرت في

أعاد إعلان إسرائيل الاعتراف بإقليم صوماليلاند(أرض الصومال) كدولة ذات سيادة قضية الاعتراف بالدول أو الكيانات غير المعترف بها إلى واجهة الاهتمام. وقد دافعت الولايات المتحدة، يوم الاثنين، عن حق إسرائيل في اتخاذ هذا القرار، مقارِنةً ذلك بالاعتراف بدولة فلسطينية من قبل بعض الدول.

وقالت تامي بروس، نائبة السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن: “لإسرائيل الحق ذاته في إقامة علاقات دبلوماسية كما لأي دولة ذات سيادة أخرى”.

وفي انتقاد مباشر للدول التي اعترفت بفلسطين مؤخراً، أضافت بروس: “لقد اتخذت دول عدة، ومن بينها أعضاء في هذا المجلس، قرارات أحادية بالاعتراف بدولة فلسطينية لا وجود لها على أرض الواقع، ومع ذلك لم نشهد دعوات لعقد جلسات طارئة للتعبير عن الغضب أو الاعتراض”.

واختتمت كلمتها باتهام صريح لبعض القوى الدولية بتبني “ازدواجية في المعايير” عند التعامل مع ملفات الاعتراف الدبلوماسي. فما مدى قابلية مقارنة الاعتراف بصوماليلاند باعتراف الدول الغربية بفلسطين؟

صوماليلاند وفلسطين: خلفيتان مختلفتان

تمثل صوماليلاند وفلسطين حالتين مختلفتين من الكيانات السياسية التي تواجه تحديات الاعتراف الدولي.

فصوماليلاند، التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، انفصلت عن الصومال عام 1991 بعد سنوات طويلة من الصراع الداخلي والحرب الأهلية، وأسست بعد ذلك مؤسسات دولة مستقلة تشمل حكومة منتخبة ونظامًا سياسيًا نسبيًا مستقرًا مقارنة ببقية أنحاء الصومال.

وقد تمكن الإقليم من تحقيق قدر من الأمن والاستقرار الاقتصادي والسياسي داخل منطقة القرن الإفريقي المضطربة.

غير أن صوماليلاند تظل غير معترف بها دوليًا، بما في ذلك من قبل الأمم المتحدة، حيث تعتبر أغلب الدول الإقليمية والدولية أنها جزء من الصومال، ما يشكل عقبة أمام تطوير علاقاتها الدبلوماسية وجذب الاستثمارات الخارجية.

أما فلسطين، فهي كيان سياسي له وضعية خاصة مختلفة تاريخيًا وجغرافيًا. وخضعت لمراحل متعددة من الاعتراف الدولي الجزئي وغير الكامل.

كما قد حصلت على اعتراف واسع من عدد كبير من الدول، إضافة إلى منحها صفة “دولة مراقب غير عضو” في الأمم المتحدة عام 2012.

وخلال حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت عدة دول أوروبية اعترافها بفلسطين كدولة، في إطار جهود سياسية ودبلوماسية لدعم حل الدولتين.

وحتى الآن، حصلت فلسطين على اعتراف رسمي من أكثر من140 دولة، وكان أبرزها هذا العام، عندما أعلنت فرنسا وكندا وبريطانيا وعدد من الدول الغربية الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة، ما أغضب تل أبيب التي اعتبرت الخطوة “مكافأة للإرهاب” و”تقويضًا لفرص السلام”.

وردًا على ذلك، هدد المسؤولون الإسرائيليون بتوسعة الاستيطان، في حين رأى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الاعتراف الجديد لا يغير شيئًا في المعادلة السياسية القائمة.

مقارنة الاعترافين

جاء الرد السريع من السفير السلوفيني لدى الأمم المتحدة، صامويل زبوغار، الذي أكّد اعتراف بلاده بفلسطين كدولة، رافضًا الربط بين حالتي فلسطين وصوماليلاند.

وقال: “فلسطين ليست جزءًا من أي دولة، بل أرض محتلة بشكل غير قانوني، كما أقرّت محكمة العدل الدولية وجهات دولية أخرى.. أما صوماليلاند فهي جزء من دولة عضو في الأمم المتحدة، والاعتراف بها يتعارض مع ميثاق المنظمة الدولية.”

في المقابل، اعتبر ممثل إسرائيل، جوناثان ميلر، أن الاعتراف بصوماليلاند ليس “عملاً عدوانيًا ضد الصومال”، بل يمكن أن يشكل “فرصة لتعزيز الاستقرار في القرن الإفريقي وفتح أفق لحوار مستقبلي بين الطرفين”.

وفي السياق السياسي الدولي، يبرز تباين واضح بين وضع فلسطين وصوماليلاند. فاعتراف الدول بفلسطين يُنظر إليه كخطوة متوافقة مع رؤية حل الدولتين، ويأتي مدعومًا بالقانون الدولي ومنظمات المجتمع المدني.

بالمقابل، فإن اعتراف إسرائيل بصوماليلاند يندرج ضمن منطق سياسي بحت، قد يفتح الباب أمام تحركات انفصالية مماثلة في إفريقيا، ويهدد استقرار منطقة أنهكها التوتر. كما ينظر لهذا الاعتراف على أنه “يخالف سياسة الاتحاد الإفريقي، ويُزعزع أمن الصومال والمنطقة بأكملها، وله تداعيات على أمن خليج عدن، ويُشكل تهديدًا مباشرًا لمصر على سبيل المثال”.

وفي سياق مواز، حذّر زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، الأحد، من أن أي تواجد إسرائيلي في صوماليلاند سيُعدّ “هدفاً عسكرياً باعتباره اعتداءً على الصومال واليمن وتهديداً لأمن المنطقة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

© 2025 الشرق اليوم. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version