واجهت الديمقراطية في عام 2024 اختبارات صعبة على مستوى العالم، حيث سعت الأنظمة السلطوية لتقويض الحريات وإضعاف المؤسسات الديمقراطية. وعلى الرغم من ذلك، أظهرت الشعوب إرادة صلبة في الدفاع عن حقوقها، مما جعل العام مزيجًا من التحديات والانتصارات الديمقراطية.

اعلان

ففي الولايات المتحدة، أعيد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا، رغم محاولاته السابقة لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية. ومع أن هذه النتيجة أثارت قلقًا بشأن مستقبل الديمقراطية، إلا أنها تعكس أيضًا جوهر العملية الديمقراطية، حيث يتمتع الناخبون بحرية اختيار قادتهم، حتى لو كان الخيار مثيرًا للجدل. لكن صعود ترامب كان جزءًا من موجة عالمية لقادة منتخبين يتبنون سياسات تهدد نظام الضوابط والتوازنات، مما يزيد من القلق حول تراجع الديمقراطية في الغرب.

على الجانب الآخر من العالم، واجهت الديمقراطية تحديات مختلفة ولكنها مشابهة في طبيعتها. ففي كوريا الجنوبية، خرج الآلاف إلى الشوارع لإحباط محاولة الرئيس فرض الأحكام العرفية، مما يبرز قوة الشعوب في مواجهة تهديدات الحكم السلطوي. أما في ألمانيا وكندا، فقد أدت الأزمات السياسية إلى انهيار حكومات، ما يعكس حالة عدم استقرار في أنظمة ديمقراطية كبرى.

وفي الوقت نفسه، تصاعدت أعمال العنف المرتبطة بالانتخابات في العديد من الدول. وفقًا لتقارير منظمة “فريدوم هاوس”، شهدت 26 من بين 62 انتخابات هذا العام حوادث عنف، من بينها استهداف مرشحين في المكسيك وجنوب أفريقيا واعتداءات على مراكز الاقتراع في تشاد. هذا التوتر الانتخابي يُبرز تحديًا جديدًا للديمقراطيات، حيث أصبحت الانتخابات محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد.

لكن، ورغم كل هذه الصعوبات، أظهر العام أيضًا انتصارات ملحوظة للديمقراطية. ففي بوليفيا، تراجعت القوات المسلحة عن محاولة انقلابية بعد تدخل القيادة الجديدة. وفي بنغلاديش، أطاحت الاحتجاجات الشعبية بنظام رئيسة الوزراء التي استمر لمدة 15 عامًا. أما في السنغال، فقد تمكن الناخبون من تغيير قيادتهم عبر صناديق الاقتراع، وهو دليل على أن الديمقراطية ما زالت قادرة على إحداث تغيير.

يبدو أن الديمقراطية ليست في حالة جمود، بل هي في حركة مستمرة بين التحديات والفرص. ثم إن انهيار حكومات في دول كبرى مثل كندا وألمانيا قد يكون فرصة لإعادة تشكيل أنظمة أكثر استقرارًا، أو نقطة تحول نحو صعود أنظمة أكثر سلطوية. ومع ذلك، يبقى المستقبل رهنًا بقدرة الشعوب على مواجهة هذه التحديات والحفاظ على مكتسباتها الديمقراطية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version