علمت “العربية” و”الحدث” من مصادر مطلعة أن ضباطا فرنسيين ناقشوا مع قيادات في جيش النيجر سبل التوصل لتفاهمات حول تسهيل حركة الجنود الفرنسيين بين 3 قواعد عسكرية في غرب النيجر: القاعدة العسكرية الرئيسية في مطار نيامي، وقاعدتين في “والام” جنوب غرب البلاد، وقاعدة “ايورو” الواقعة شمال غرب العاصمة في منطقة “تيلابيري” المضطربة، والواقعة فيما يعرف بمثلث الموت على الحدود المشتركة بين الدول الثلاثة النيجر ومالي وبوركينا فاسو، حيث ينشط تنظيما داعش والقاعدة.
ويتمركز في القاعدتين الأماميتين عدد من جنود المشاة والمدرعات لدعم عمليات الجيش النيجري الهادفة لوقف تمدد داعش والقاعدة نحو العاصمة نيامي والقرى المتاخمة لها.
وقال مصدر قريب من المشاورات الجارية إن الضباط الفرنسيين يريدون تخفيف حدة التوتر في محيط القواعد الفرنسية وإزالة العراقيل القائمة، منذ تجميد فرنسا تعاونها في مجال مكافحة الإرهاب مع النيجر بعد الانقلاب، ورد المجلس العسكري بتصعيد اللهجة ضد فرنسا بالدعوة لخروج قواتها وطرد السفير، وتنظيم المظاهرات والاحتجاجات الشعبية أمام القواعد العسكرية الفرنسية.
وأضاف المصدر أن أولويات القيادة العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل ومقرها تشاد، ومع استمرار التوتر الدبلوماسي والسياسي وتفاقم الأزمة، وفي ظل هذه “الأجواء المشحونة بالكراهية والتحريض، تفادي أي احتكاك بين الجنود الفرنسيين مع المتظاهرين والجنود النيجريين في القواعد التي تستضيفهم، وتسهيل حركة الجنود بين القواعد الثلاثة كلما كان ذلك ضروريا”، بحسب تعبيره.
وكشف المصدر عن طلب الضباط الفرنسيين من جيش النيجر الموافقة على نقل الجنود والمدرعات من قاعدتي “ولام” و”ايورو” إلى القاعدة الجوية المتقدمة في مطار نيامي العسكري، بعد أن توقفت مشاركتهم في العمليات الجارية لصد هجمات داعش والقاعدة.
ويشترط إنقلابيو النيجر قبل الموافقة على هذا التحرك لوحدات عملياتية الاتفاق بين الطرفين على جدول زمني لبدء خروج نهائي للقوات الفرنسية.
وفيما يتعلق بحديث مسؤولين فرنسيين عن نقاشات مع جيش النيجر وما اذا كانت تتعلق بانسحاب عسكري فرنسي محتمل، شددت مصادر “العربية” و”الحدث” على أن أولوية القيادة العسكرية الفرنسية في الساحل الآن هي “نقل معدات حربية دقيقة ومسيرات ومروحيات ومقاتلات من نوع ميراج والطواقم الخاصة بها من طيارين وتقنيين إلى تشاد أو إحدى القواعد الفرنسية في غرب أفريقيا”.
وأضافت مصادرنا بأن النقاشات تشمل انسحابا جزئيا فقط ويتعلق تحديدا بالقوات المشاركة في عملية برخان الفرنسية لمكافحة الإرهاب، وهذا متوقع بالنظر إلى تجميد نشاطها منذ نهاية الشهر الماضي على خلفية تغيير غير دستوري في السلطة.
وتستعبد مصادر “العربية” و”الحدث” انسحابا عسكريا فرنسيا نهائيا من النيجر قبل التوصل لاتفاق سياسي شامل بشأن العودة لوضع دستوري طبيعي والإفراج عن الرئيس المعزول محمد بازوم، وفك الحصار عن السفير سيلفان ايتي، حيث تطوق وحدات الأمن مبنى السفارة الفرنسية في نيامي منذ اسبوعين، وتقوم بتفتيش المركبات وتمنع دخولها على غير العاملين فيها تنفيذا لقرارات إدارية وقضائية تهدف لترحيل السفير قسرا، بعد رفضه الامتثال بمهلة حُددت له بوصفه “شخصا غير مرغوب فيه ولم تعد إقامته قانونية”، بحسب تعبير السلطات الجديدة.
ويتم التركيز في النيجر حاليا على القواعد الفرنسية التي أنشئت بناء على اتفاق أبرم في 2013 لكن لدى فرنسا وجود عسكري وأمني آخر غامض في منطقة “أغاديز” و”ارليت” في أقصى شمال البلاد حيث تقوم المجموعة الفرنسية العملاقة “أورانو” (اريفا سابقا) باستخراج اليورانيوم، ويحاط هذا الحضور العسكري بالكثير من السرية، وهدفه حماية المصالح الفرنسية الجوهرية في المنطقة وتأمين المئات من العاملين في الشركة، بعد عمليات خطف وقتل استهدفتهم اثر ظهور الجماعات المسلحة المتطرفة في شمال وغرب إفريقيا وتنامي انشطتها الإرهابية.