برز مؤخراً مقترح نيابي حيوي يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في آلية تطوير البنية التحتية والخدمات العامة، حيث ينص على السماح للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين (الشركات والمؤسسات) بإنشاء الطرق العامة أو صيانتها أو تجميلها وتطويرها على نفقتهم الخاصة. ويأتي هذا المقترح ليشكل حلاً مبتكراً لتسريع وتيرة الإنجاز في المناطق السكنية والتجارية، مع التأكيد الصارم على أن تكون كافة الأعمال تحت الإشراف الهندسي والفني الكامل للجهات الحكومية المختصة، مثل وزارة الأشغال العامة والبلدية، لضمان مطابقتها للمواصفات القياسية والجودة المعتمدة.
سياق المقترح والخلفية التاريخية لتطوير البنية التحتية
تاريخياً، كانت الدولة هي المسؤول الوحيد والحصري عن تمويل وتنفيذ كافة مشاريع البنية التحتية، من طرق وجسور وشبكات خدمات. ومع التوسع العمراني الهائل والزيادة السكانية المستمرة التي شهدتها العقود الأخيرة، تزايد الضغط بشكل ملحوظ على الميزانية العامة وعلى الأجهزة التنفيذية في الدولة. هذا الضغط أدى في بعض الأحيان إلى تأخر تنفيذ بعض الخدمات الضرورية في المناطق الجديدة أو تباطؤ عمليات الصيانة الدورية في المناطق القائمة بسبب الدورة المستندية والبيروقراطية. يأتي هذا المقترح في سياق توجه عالمي وإقليمي حديث نحو تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، وتخفيف العبء المالي والإداري عن كاهل الدولة، مع إفساح المجال للمبادرات الأهلية والقطاع الخاص للمساهمة الفعالة في التنمية الوطنية.
الأهمية الاقتصادية وتفعيل المسؤولية الاجتماعية
يحمل هذا التوجه أهمية بالغة تتجاوز مجرد رصف طريق؛ فهو يمثل تفعيلاً حقيقياً وعملياً لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR). فالشركات الكبرى والمؤسسات المالية التي تستفيد من البنية التحتية لخدمة مصالحها اللوجستية والتجارية، ستجد في هذا المقترح فرصة سانحة لرد الجميل للمجتمع وتحسين بيئة الأعمال المحيطة بها، مما يعزز صورتها الذهنية. كما أن السماح للأفراد المقتدرين بالمساهمة يعزز من قيم التكافل الاجتماعي والمواطنة الإيجابية، ويحول المواطن من مستهلك للخدمة إلى شريك في بنائها.
الضوابط الحكومية والتأثير المتوقع
من النقاط الجوهرية التي يرتكز عليها المقترح هو عدم المساس بسيادة الدولة على مرافقها؛ حيث يشترط أن تخضع كافة عمليات التبرع والتنفيذ لرقابة صارمة. لا يعني التمويل الخاص أن الممول يمتلك الطريق أو له حق فرض رسوم عليه أو إغلاقه، بل تظل هذه الطرق ملكية عامة للدولة ولجميع المواطنين. ومن المتوقع أن يسهم هذا المقترح، في حال إقراره، في سرعة إنجاز الخدمات في المناطق السكنية الجديدة التي قد تتأخر اعتماداتها المالية، كما سيخلق روحاً من المنافسة الإيجابية بين الشركات لتقديم أفضل الخدمات للمجتمع، مما ينعكس إيجاباً على جودة الحياة ويدعم عجلة التنمية الاقتصادية.
The post مقترح السماح بإنشاء الطرق على النفقة الخاصة: التفاصيل والأهداف appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.



