مقدمة: من شغف رياضي إلى صناعة عالمية

رسّخت بطولة “قفز السعودية” لقفز الحواجز مكانتها كإحدى أهم المحطات العالمية في رياضة الفروسية، متجاوزةً كونها مجرد منافسة رياضية لتصبح منصة اقتصادية وسياحية متكاملة. فبعد مرور خمس نسخ ناجحة نظمها الاتحاد السعودي للفروسية بمقر “قفز السعودية” في الجنادرية بالرياض، أصبحت البطولة جولة رسمية معتمدة ضمن الدوري العربي للفروسية، وبوابة رئيسية للتأهل إلى نهائيات كأس العالم لقفز الحواجز والترويض، مما يعكس النقلة النوعية التي تشهدها الرياضة في المملكة تماشياً مع رؤية 2030.

السياق التاريخي: تجذّر الفروسية في الثقافة السعودية

ترتبط الفروسية بتاريخ وجذور شبه الجزيرة العربية ارتباطاً وثيقاً، حيث كانت الخيول العربية الأصيلة رمزاً للقوة والأصالة والموروث الثقافي. وانطلاقاً من هذا الإرث العريق، لم تكن رياضة قفز الحواجز مجرد رياضة مستوردة، بل امتداداً طبيعياً لشغف متأصل. ومع انطلاق رؤية المملكة 2030، تحول هذا الشغف إلى استراتيجية وطنية تهدف إلى تطوير القطاع الرياضي ليصبح رافداً اقتصادياً ومصدراً للقوة الناعمة. ومن هنا، وُلدت بطولة “قفز السعودية” في عام 2021 كمشروع طموح يهدف إلى وضع المملكة على خريطة الفروسية العالمية، وهو ما تحقق في زمن قياسي بحصولها على تصنيف الخمس نجوم (5*)، وهو الأعلى من الاتحاد الدولي للفروسية (FEI).

الأهمية والتأثير: أبعاد محلية وإقليمية ودولية

تكمن أهمية البطولة في تأثيرها متعدد الأبعاد. محلياً، أتاحت “قفز السعودية” للفرسان السعوديين الشباب فرصة نادرة للاحتكاك والتنافس مع أبطال العالم والمصنفين الأوائل على أرضهم، مما يسرّع من تطور مستوياتهم الفنية ويرفع من جاهزيتهم للمنافسات الدولية. كما ساهمت في بناء كوادر وطنية شابة قادرة على إدارة وتنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى وفق أعلى المعايير. إقليمياً، عززت البطولة من مكانة الدوري العربي للفروسية، وجعلت من الرياض محطة رئيسية لا يمكن تجاوزها للفرسان الطامحين للمشاركة في كأس العالم. أما دولياً، فقد أصبحت “قفز السعودية” وجهة جاذبة لألمع نجوم الفروسية من أكثر من 30 دولة، مما يضع المملكة كمركز عالمي موثوق لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، ويعزز من قطاع السياحة الرياضية.

بنية تحتية عالمية وتجربة جماهيرية فريدة

لم يكن هذا النجاح ليتحقق لولا الاستثمار في بنية تحتية تضاهي أفضل الميادين الأوروبية. يُصنف ميدان “قفز السعودية” اليوم كواحد من أفضل الميادين في الشرق الأوسط، بفضل نوعية التربة المصممة خصيصاً لضمان سلامة الخيول التي تعد الأغلى في العالم، بالإضافة إلى التجهيزات اللوجستية المتكاملة من إسطبلات مكيفة ومناطق إحماء عالمية. ولم تقتصر التجربة على الفرسان فقط، بل امتدت لتقدم للجمهور تجربة متكاملة تتجاوز حدود الميدان، حيث تم دمج التراث السعودي بالفروسية الحديثة في منطقة فعاليات مصاحبة تضم أرقى العلامات التجارية والمطاعم، لتحول البطولة إلى وجهة ترفيهية وسياحية للعائلات والزوار في قلب الرياض.

نمو متصاعد ومستقبل واعد

تُظهر الأرقام النمو الاستثنائي للبطولة؛ فبعد أن انطلقت النسخة الأولى بمشاركة 121 فارساً، قفز العدد في النسخة الخامسة ليصل إلى 193 فارساً وفارسة، مما يؤكد الثقة المتزايدة في البطولة وقدرتها التنظيمية. وبهذا، لا تمثل “قفز السعودية” مجرد مسابقة فنية، بل قصة نجاح سعودية حولت رياضة تقليدية إلى صناعة رياضية واقتصادية مستدامة، ورسخت أقدام المملكة كلاعب رئيسي على الساحة الدولية للفروسية.

The post قفز السعودية: ريادة عالمية في صناعة الفروسية ورؤية 2030 appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.

شاركها.
اترك تعليقاً

© 2025 الشرق اليوم. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version