في تطور لافت يعكس استمرار القنوات الدبلوماسية الخلفية رغم تصاعد التوترات الجيوسياسية، استضافت العاصمة الإماراتية أبوظبي جولة جديدة من الحوار غير المباشر بين الولايات المتحدة وروسيا، في وقت أطلق فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحذيرات شديدة اللهجة من مغبة أي تراجع في الدعم الغربي قد يؤدي إلى "استسلام" كييف.
أبوظبي.. منصة للحياد الإيجابي والوساطة الدولية
تأتي استضافة أبوظبي لهذا الحوار لتؤكد مجدداً على الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في الساحة الدولية كشريك موثوق ووسيط نزيه. فمنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، حافظت الإمارات على مسافة دبلوماسية متوازنة، مما مكنها من أن تكون جسراً للتواصل بين القوى العظمى. ولا يعد هذا الحدث الأول من نوعه، فقد سبق للامارات أن نجحت في إتمام صفقات تبادل أسرى رفيعة المستوى بين واشنطن وموسكو، أبرزها صفقة تبادل لاعبة كرة السلة الأمريكية بريتني غراينر بقطب السلاح الروسي فيكتور بوت، مما يرسخ مكانة أبوظبي كعاصمة للحلول الدبلوماسية في الشرق الأوسط.
ماكرون ومخاوف انهيار الجبهة الأوروبية
بالتزامن مع هذه التحركات الدبلوماسية، جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأكيده على أن السلام لا يمكن أن يكون مرادفاً للاستسلام. وتأتي تصريحات ماكرون في سياق أوروبي حساس، حيث تتزايد المخاوف من "إرهاق الحرب" وتأثيراته على الوحدة الأوروبية. وشدد الرئيس الفرنسي على أن أي تسوية مستقبلية يجب أن تضمن سيادة أوكرانيا وأمن القارة الأوروبية، محذراً من أن السماح بانتصار روسي سيشكل تهديداً وجودياً للنظام الأمني الأوروبي برمته، وسيعطي ضوءاً أخضر لتغيير الحدود بالقوة في مناطق أخرى من العالم.
السياق التاريخي للعلاقات الأمريكية الروسية
تاريخياً، حتى في ذروة الحرب الباردة، حافظت واشنطن وموسكو دائماً على قنوات اتصال لمنع الانزلاق نحو مواجهة نووية شاملة. واليوم، ورغم وصول العلاقات إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، فإن اللقاءات في دول طرف ثالث مثل الإمارات تعكس إدراكاً متبادلاً لضرورة إدارة الصراع وضبطه ضمن حدود معينة. وتكتسب هذه الحوارات أهمية قصوى في مناقشة ملفات شائكة تتجاوز الحرب الميدانية، مثل الأمن السيبراني، والأمن الغذائي العالمي، وملفات الطاقة التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي.
التأثيرات المتوقعة إقليمياً ودولياً
يحمل استمرار الحوار في أبوظبي دلالات هامة للمنطقة؛ فهو يعزز من مفهوم تعددية الأقطاب ويمنح دول الخليج ثقلاً سياسياً أكبر في المعادلة الدولية. أما دولياً، فإن تزامن الحوار مع تحذيرات ماكرون يشير إلى مرحلة مفصلية يسعى فيها الغرب للموازنة بين إبقاء باب الدبلوماسية مفتوحاً وبين ضمان عدم انهيار الدفاعات الأوكرانية، في محاولة لرسم ملامح نظام عالمي جديد قد يتشكل بناءً على نتائج هذه الصراعات والمفاوضات.
The post حوار أمريكي روسي في أبوظبي وتحذيرات ماكرون بشأن أوكرانيا appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.



