حققت وزارة العدل السعودية تقدماً نوعياً وملموساً في ملف شائك طالما أرّق القطاع العقاري والزراعي في المملكة، وهو ملف «الصكوك الزراعية المشاعة». يأتي هذا الإنجاز تتويجاً لجهود حثيثة وعمل تكاملي مع الجهات ذات العلاقة، بهدف تصحيح أوضاع الحيازات العقارية ومعالجة التعقيدات التي كانت تحول دون الاستفادة الكاملة من مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.
خلفية تاريخية: تحدي الملكية المشاعة
لسنوات طويلة، شكلت الصكوك المشاعة تحدياً كبيراً في السوق العقاري السعودي. والمقصود بالصكوك المشاعة هي تلك التي يشترك في ملكيتها عدد كبير من الأشخاص في مساحة أرض واحدة دون تحديد جزء مفرز لكل مالك، مما جعل التصرف في هذه الأراضي – سواء بالبيع، أو الرهن، أو التطوير – أمراً في غاية الصعوبة. وقد أدى هذا الوضع سابقاً إلى تجميد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وتعطيل التنمية فيها، فضلاً عن نشوب نزاعات قضائية متعددة بين الشركاء أو الورثة حول أحقية الانتفاع.
آليات المعالجة والتنظيم الحديث
نجاح وزارة العدل في هذا الملف لم يأتِ من فراغ، بل جاء عبر سلسلة من القرارات التنظيمية والتشريعية. فقد عملت الوزارة على وضع ضوابط دقيقة تتيح إفراز هذه الأراضي وتجزئتها وفق معايير محددة تضمن الحفاظ على الرقعة الزراعية وتمنع تحويلها إلى مخططات سكنية عشوائية، وذلك بالتنسيق المباشر مع وزارة البيئة والمياه والزراعة. تضمنت المعالجة أتمتة الإجراءات وتحديث الصكوك القديمة وتحويلها إلى صكوك إلكترونية موثقة، مما سهّل عملية فرز الملكيات وتحديد الحقوق بدقة متناهية.
الأثر الاقتصادي والتنموي
يحمل هذا الإنجاز أبعاداً اقتصادية بالغة الأهمية تتجاوز مجرد التنظيم الإداري. فمن الناحية الاقتصادية، يسهم حل مشكلة الصكوك المشاعة في ضخ سيولة كبيرة في السوق العقاري من خلال تحرير الأصول المجمدة، وتمكين الملاك من الاستفادة من أراضيهم عبر الحصول على تمويلات زراعية أو عقارية. كما يعزز هذا التوجه من جاذبية الاستثمار في القطاع الزراعي، حيث يبحث المستثمرون دائماً عن أراضٍ بملكيات واضحة ومستقلة لإقامة مشاريعهم.
دعم مستهدفات رؤية 2030
تتكامل هذه الخطوة بشكل مباشر مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحديداً فيما يتعلق ببرامج جودة الحياة والأمن الغذائي. فتنظيم الأراضي الزراعية يمهد الطريق لمشاريع زراعية مستدامة وتقنيات حديثة تتطلب بنية تحتية قانونية صلبة. بالإضافة إلى ذلك، فإن القضاء على العشوائية في الملكيات العقارية يرفع من تصنيف المملكة في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال وحماية الملكية، مما يعزز الثقة في البيئة التشريعية والقضائية السعودية.
ختاماً، يُعد نجاح وزارة العدل في تفكيك تعقيدات الصكوك الزراعية المشاعة نقلة نوعية تنهي عقوداً من الجمود، وتؤسس لمرحلة جديدة من التنمية العقارية والزراعية القائمة على الوضوح والشفافية وحفظ الحقوق.
The post العدل تعالج الصكوك الزراعية المشاعة: حلول تنظيمية وإنعاش عقاري appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.




