في رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي عبر صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، سلط رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الضوء على ما وصفه بـ «حقيقة الحرب» الدائرة في السودان، مقدماً رؤيته لطبيعة الصراع الذي يمزق البلاد منذ منتصف أبريل 2023. وأكد البرهان في حديثه أن القوات المسلحة السودانية لا تخوض حرباً من أجل السلطة، بل تواجه ما وصفه بـ «تمرد» يهدف إلى تدمير الدولة السودانية وتقويض مؤسساتها الوطنية.
طبيعة الصراع: الدولة في مواجهة الميليشيا
أوضح البرهان خلال طرحه أن الحرب الحالية ليست مجرد نزاع سياسي تقليدي، بل هي معركة وجودية للدولة السودانية ضد قوات الدعم السريع. وأشار إلى أن هذه القوات ارتكبت انتهاكات جسيمة ضد المدنيين والبنية التحتية، محاولاً من خلال المنبر الإعلامي الأمريكي توضيح الصورة للرأي العام الغربي وصناع القرار، ومشدداً على التزام الجيش بتسليم السلطة للمدنيين بمجرد استعادة الأمن والاستقرار والقضاء على التمرد.
السياق التاريخي وجذور الأزمة
لفهم أبعاد تصريحات البرهان، لا بد من العودة إلى جذور الأزمة التي تفجرت في 15 أبريل 2023. بدأ الصراع كخلاف حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي، وهو شرط أساسي كان مطروحاً ضمن الاتفاق الإطاري للانتقال الديمقراطي. إلا أن التوترات تصاعدت بين البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لتتحول إلى مواجهات عسكرية شاملة في الخرطوم وسرعان ما امتدت إلى دارفور وكردفان والجزيرة. ويأتي هذا الصراع بعد سنوات من الاضطراب السياسي الذي تلا الإطاحة بنظام عمر البشير في عام 2019، حيث تعثرت الشراكة بين المكونين العسكري والمدني عدة مرات.
الأهمية الاستراتيجية والتأثير الإقليمي
تكتسب الحرب في السودان أهمية قصوى تتجاوز حدوده الجغرافية، نظراً لموقع السودان الجيوسياسي الرابط بين القرن الأفريقي، وشمال أفريقيا، ومنطقة الساحل، فضلاً عن إطلالته على البحر الأحمر الذي يعد ممراً حيوياً للتجارة العالمية. ويحذر المراقبون من أن استمرار الفوضى في السودان قد يحوله إلى بؤرة للجماعات المتطرفة أو مصدر لعدم الاستقرار يهدد دول الجوار السبع، وهو ما يحاول البرهان التحذير منه في خطابه للغرب، مشيراً إلى أن انهيار الدولة السودانية سيشكل كارثة للأمن الإقليمي والدولي.
التداعيات الإنسانية الكارثية
على الصعيد الإنساني، خلفت الحرب واقعاً مأساوياً لا يمكن تجاهله. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن السودان يواجه واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، حيث فر ملايين المواطنين من منازلهم سواء كنازحين داخلياً أو لاجئين في دول الجوار. كما يعاني القطاع الصحي من انهيار شبه كامل، مع تزايد مخاطر المجاعة التي تهدد قطاعات واسعة من السكان. وتأتي رسالة البرهان في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار والسماح بمرور المساعدات الإنسانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
The post البرهان في وول ستريت جورنال: حقائق حرب السودان ومستقبلها appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.



