كشفت الهيئة العامة للإحصاء عن تحقيق المملكة العربية السعودية قفزة نوعية في مجال إدارة النفايات، حيث نجحت في إعادة استخدام وتدوير ما يقارب 33.9 مليون طن من النفايات خلال عام 2024، وهو ما يمثل 25% من إجمالي النفايات المسجلة البالغة 135.1 مليون طن. تعكس هذه الأرقام التقدم الملموس الذي تحرزه المملكة في مسيرتها نحو تحقيق أهداف الاستدامة البيئية والاقتصاد الدائري، والتي تعد ركيزة أساسية في رؤية السعودية 2030.
خلفية وسياق وطني: نحو مستقبل مستدام
تأتي هذه الإنجازات في سياق استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تحويل قطاع إدارة النفايات من عبء بيئي إلى رافد اقتصادي مهم. فمنذ إطلاق رؤية 2030 ومبادرة السعودية الخضراء، وضعت المملكة أهدافاً طموحة لتقليل الاعتماد على مدافن النفايات، ورفع نسب إعادة التدوير، وتشجيع الاستثمار في تقنيات المعالجة المتقدمة. وقد تم تأسيس جهات متخصصة مثل “الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير” (سرك)، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، لقيادة وتوحيد جهود القطاع وتحقيق مستهدفات تحويل 82% من النفايات البلدية عن المرادم بحلول عام 2035.
تحليل أرقام 2024: القطاعات الأكثر إنتاجاً وتدويراً
أظهرت بيانات الهيئة أن نشاط “الزراعة والحراجة وصيد الأسماك” كان الأعلى من حيث كميات النفايات المسجلة بكمية بلغت 46.9 مليون طن، كما تصدر قائمة الأنشطة الأكثر كفاءة في إعادة التدوير بنسبة 64.8%. يليه نشاط “التشييد” الذي أنتج 32.2 مليون طن، ثم “الأسر المعيشية” بـ 20.5 مليون طن. وتُعزى هذه الكميات الكبيرة إلى النمو السكاني المتسارع والمشاريع التنموية الضخمة التي تشهدها المملكة. وعلى صعيد أنواع النفايات، شكلت النفايات العضوية النسبة الأكبر بـ 45.7% (61.7 مليون طن)، تلتها نفايات مواد البناء بنسبة 22.8% (30.8 مليون طن)، مما يفتح آفاقاً واسعة للاستثمار في مجالات إنتاج الأسمدة وتحويل النفايات إلى طاقة.
الأهمية والتأثيرات المتوقعة
إن التحول في إدارة النفايات له أبعاد اقتصادية وبيئية واجتماعية عميقة. فعلى الصعيد الاقتصادي، يساهم تدوير النفايات في خلق صناعات جديدة، وتوفير فرص عمل، وتقليل تكلفة استيراد المواد الخام. بيئياً، يؤدي تقليل الاعتماد على المدافن إلى خفض انبعاثات غاز الميثان، أحد أبرز الغازات الدفيئة، بالإضافة إلى حماية الموارد الطبيعية من التربة والمياه الجوفية. كما ارتفعت كمية النفايات الخطرة إلى 6.9 مليون طن، وتمثل إدارة هذا النوع من النفايات تحدياً وفرصة في آن واحد لتطوير تقنيات معالجة آمنة ومبتكرة. ورغم أن المتوسط اليومي لإنتاج الفرد من النفايات البلدية الصلبة ارتفع إلى 2.02 كجم، إلا أن الجهود المتزايدة في التدوير والتوعية تبشر بمستقبل أكثر استدامة، يتماشى مع مكانة المملكة كقوة اقتصادية وبيئية مؤثرة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
The post إعادة تدوير النفايات في السعودية 2024: أرقام وإنجازات appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.












