أظهرت صورة جديدة أعلن عنها الباحثون من مرصد جيمس ويب الفضائي مؤخرا تفاصيل دقيقة للمكونات الداخلية لسديم يُسمى “إن جي سي 1333″، ويقع على مسافة حوالي 960 سنة ضوئية من الأرض.
والسدم هي سحب من الغاز والغبار، وقد تكون السدم موضع ميلاد النجوم الجديدة، حيث تتكثف سحب الهيدروجين خلال ملايين من السنوات شيئا فشيئا، ومنها تنشأ النجوم، لكن بعضا مما اكتشف جيمس ويب في هذه السحابة ليس نجوما بالمعنى المفهوم، بل أقزام بنية.
نجوم فاشلة
وتسمح حساسية جيمس ويب الفائقة لعلماء الفلك بفحص تلك الأجرام الصغيرة ذات الكتل المنخفضة للغاية، ويعرف القزم البني بأنه نوع من الأجرام الفلكية التي تقع بين أكبر الكواكب وأصغر النجوم من حيث الحجم والكتلة.
وغالبا ما يُشار إلى تلك الأجرام باسم “النجوم الفاشلة”، لأنها، على الرغم من كونها أكبر حجما وأكثر كتلة من الكواكب مثل المشتري، تفتقر إلى الكتلة المطلوبة لدعم الاندماج النووي للهيدروجين في نواتها، وهي العملية التي تمد النجوم الحقيقية بالطاقة.
ويعمل مرصد جيمس ويب في نطاق الأشعة تحت الحمراء، ويمكنه ذلك من اختراق سحب الغاز والغبار السديمية بسهولة، وتبيان عمليات نشأة النجوم أسفلها، مثلما تتمكن أجهزة الأشعة السينية في المستشفيات من اختراق جلد المصاب وتبيان الكسور في العظام أسفله.
ولذلك، تختلف الصورة الجديدة تماما عن تلك التي أطلقها مرصد هابل الفضائي في الذكرى السنوية الثالثة والثلاثين لإطلاقه في أبريل 2023، حيث أظهرت صورة هابل سطح هذه المنطقة، لأن سُحب الغبار تحجب الكثير من عملية تكوين النجوم.
أجرام “هيربيج-هارو”
وتظهر الصورة العديد من النجوم الشابة والتي لا تزال محاطة بأقراص من الغاز والغبار، والتي قد تنتج في النهاية أنظمة كوكبية، مثلما حدث مع الشمس قبل نحو 4.5 مليارات سنة من الآن، حيث نشأت في تجمع شبيه للنجوم، ثم انفصلت عنه شيئا فشيئا عبر ملايين السنين.
وإلى جانب ذلك، تتيح الصورة الجديدة للعلماء ملاحظة بقع كبيرة من اللون البرتقالي، تتمثل في الغاز المتوهج في نطاق الأشعة تحت الحمراء، هذه البقع تتكون بسبب ما يسميه العلماء أجرام “هيربيج-هارو”، وهي عبارة عن بقعة ساطعة من السديم مرتبطة بالنجوم حديثة الولادة.
تتشكل أجرام “هيربيج-هارو” عندما تصطدم نفاثات الغاز التي تقذفها تلك النجوم الحديثة بسحب الغاز والغبار القريبة بسرعات عالية، مما ينتج عنه موجات صدمية تسخن الغاز وتتسبب في توهجه.