الدوحةـ وسهيلٌ كوجنة الحِبّ في اللَّون …  وقلب المحبّ في الخفقانِ

يُسرع الّلمح في احمرارٍ كما … تُسرع في اللمح مقلةُ الغضبانِ.

هكذا شبه أبو العلاء المعري احمرار خد محبوبته بلون نجم سهيل الذي يُرى منخفضا في الأفق الجنوبي متلألئا بلونه الأحمر نتيجة انكسار ضوئه في الغلاف الجوي، ليغدو اليوم حديث أهل الخليج وبشراهم السارة ببدء ملامح اعتدال الطقس، وانخفاض درجات الحرارة العالية.

وفلكيًا، سهيل أحد النجوم العمالقة البيض، يساوي قطره 71 مرة ضعف الشمس، وهو أشد سطوعا منها بحوالي 11 ألف مرة، ولهذا يحتل مرتبة ثاني ألمع نجوم السماء رغم أنه يبعد عنا مسافة 310 سنوات ضوئية، وهو ما يعادل 3 آلاف تريليون كيلومتر.

يقول رئيس مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك الشيخ سلمان بن جبر آل ثاني إن نجم سهيل يعتبر من النجوم ذات التاريخ العريق في حياة العرب وشعوب دول الخليج تحديدا، وذلك منذ أن اعتمدت حضارة سبأ نجم سهيل كساعة كونية، مشيرا إلى أنه بظهور هذا النجم المميز “نجم سهيل” تحصل تغيرات واضحة وملموسة على حالة الطقس وتحديدا على الدول والمدن الواقعة على الخليج العربي.

وبيّن رئيس مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك أن نجم سهيل سمي بهذا الاسم الذي يعني باللغة العربية (الوسيم- اللامع- المجيد- النبيل) وذلك لتميزه وتألقه في سماء الفجر في هذه الأيام من السنة.

لم يخف الشيخ سلمان بن جبر آل ثاني إعجابه بهذا النجم وخوفه منه في ذات الوقت، وقال في حورا مع الجزيرة نت، إن ظهور سهيل يتزامن مع زيادة فرص تشكل السحب والأمطار وتكون أمطاره غزيرة وخطيرة في بعض الحالات ولهذا السبب قالت العرب (إذا طلع سهيل لا تأمن السيل).

وأما سهيل في الشعر العربي فهو ذلك النجم الذي عشقه الشعراء وتغنى به مالك بن الريب في قصيدته التي رثى بها نفسه حين خرج مع عثمان بن عفان رضي الله عنه للغزو في بلاد خراسان ومات هناك، ففيه يقول:
أقول لأصحابي ارفعوني فإنّــــه             يَقَرّ بعيني أنْ (سُهَيْلٌ) بَدا لِيا.

وإلى نص الحوار:

  • بداية نود أن تحكي لنا ما قصة نجم سهيل؟

نجم سهيل يعتبر من النجوم ذات التاريخ العريق في حياة العرب وذلك منذ أن اعتمدت حضارة سبأ نجم سهيل كساعة كونية ومنذ ذلك الحين أصبح هو المعيار والمؤشر لفصول ومواسم السنة، وقد طور من بعد ذلك الفراعنة والبابليون دقة الحساب بنجم سهيل واعتبر ببعض الحضارات أنه “آلهة” في السماء فكان يقدس حتى ظهور الدين الإسلامي الذي حرم ذلك.

ومع طلوع “نجم سهيل”، يبدأ التقويم الخاص بأهل الخليج والمعروف بـ”الدرور” وهذا التقويم ببساطة يقسم السنة إلى 4 أقسام كل قسم 100 يوم، “مائة الصفري” أو الخريف، و”مائة الشتاء”، و”مائة الصيف” أو الربيع، ثم “القيظ” وهو وقت شدة الحر لها 65 يوما تكتمل فيها السنة، وكل 10 أيام منها تعرف عندهم بـ”در”، وسهيل في الموروث الثقافي العربي يعتبر كوكب فرح يستبشَر بقدومه، فالعرب تقول “أسعد من سهيل طلعته”.

حيث تتعامد الشعرى اليمانية (ألمع نجوم السماء) وسهيل (ثاني ألمع نجوم السماء) فوق الأفق الجنوبي فجرا مع منتصف أكتوبر/تشرين الأول ، حيث يعتدل الجو و يقل الطلب على الماء، وقالت العرب فيه “إذا طلع سهيل طاب الليل وامتنع القيل ولام الفصيل الويل ورفع الكيل”، وتقول العامة “إذا طلع سهيل تلمس التمر في الليل”.

  • ما دلالات ظهور النجم سهيل في الجزيرة العربية وما التغيرات الجوية التي تحدث؟

مع ظهور نجم سهيل تحصل تغيرات واضحة وملموسة على حالة الطقس وتحديدا على الدول والمدن الواقعة على الخليج العربي، حيث تزداد فرص تشكل السحب والأمطار وتكون أمطاره غزيرة وخطيرة في بعض الحالات ولهذا السبب قالت العرب (اذا طلع سهيل لا تأمن السيل) وأما في نجد فهو موسم نضج الرطب بكل أنواعه فنرى الاختلاف في التأثيرات على حسب موقع الدولة أو المدينة.

وخلال الفترة الممتدة من طلوع سهيل إلى حين الاعتدال الخريفي في 23 سبتمبر/أيلول، قد نشهد موجات حارة مشبعة بالرطوبة، تُطلق على ذلك العرب “وعكة” ومن أشهرها “وعكات سهيل” ويطلق عليها أيضا بين المزارعين في الخليج “حرة الدبس” حيث تتم إسالة الدبس من التمر، كما تسمى “حرة المساطيح”.

وظهور نجم سهيل يعني بدء موسم صرام التمر، لذا يعرف أهل البادية أن ظهور سهيل يعني رحيلهم عن “المقياظ” ورحيلهم إلى البادية مع ميل الجو إلى الاعتدال، لذا يأخذون حصتهم من التمر، ويرحلون إلى البر.

  • لماذا سمي بالنجم سهيل؟

سمي النجم بهذا الاسم -الذي يعني باللغة العربية (الوسيم- اللامع- المجيد- النبيل)- لتميزه وتألقه في سماء الفجر في هذه الأيام.

ونجم سهيل الذي تستبشر بطلوعه العرب بجلاء القيظ وشدة الحر وإقبال الربيع والمطر، هو من ألمع نجوم السماء وسهيل عند العرب، هو “البشير اليماني”، وله عندهم عدة أسماء، فهم يسمونه نجم اليمن ويسمونه سهيل اليماني أيضا، وسبب نسبته إلى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب ويظهر مقابلا للنجم القطبي الشمالي، فهو يشير إلى جهة الجنوب، أما القطب الجنوبي نفسه فلا يظهر في سماء الخليج.

  • ولكن لماذا يربط الناس النجم سهيلا بانكسار شدة الحر وبداية الانخفاض التدريجي لدرجات الحرارة؟

انكسار الحر وانصراف القيظ وانخفاض درجات الحرارة كل ذلك ليس بسبب النجم ولكن بسبب ميلان محور الكرة الأرضية بعيدا عن الشمس والذي يصادف وقت ظهور سهيل ويعادل (10) درجات عما كان عليه في بداية فصل الصيف وهو ما يتسبب في انخفاض درجة الحرارة في الدول الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

هنا يجب التأكيد أن ارتباط سهيل بالطقس تاريخي توثيقي كارتباط بقية النجوم به، وهو العلم الذي أسماه القدماء الأنواء، ويكافئ التنبؤ الجوي في عصرنا الحديث.

  • ما الظواهر الطبيعية التي ترافق ظهور النجم سهيل؟

من بعد طلوع سهيل يتم احتساب 55 يوما ويدخل موسم الوسم (الوسمي) والذي إن كثرت الأمطار خلاله يتسبب في نمو ربيع ذي كثافة عالية وعدد من النباتات التي يتم استهلاكها من قبل البشر، وبعد 52 يوما من دخول الوسمي وذلك في السابع من ديسمبر/كانون الأول يعتبر أول يوم من فصل الشتاء في شبه الجزيرة العربية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version