أصبح التغليف الذكي، الذي يستشعر ويكتشف ويسجل حالة المنتج المعبأ، حلا جديدا يوفر معلومات حول جودة البضائع وسلامتها أثناء الإنتاج والتخزين والنقل والاستهلاك

من المعروف أنه يمكن دمج أجهزة استشعار درجة الحرارة والرطوبة والأكسجين ودرجة الحموضة وثاني أكسيد الكربون في نظام التعبئة والتغليف، فيما بات يعرف بنظام “التغليف الذكي”، وذلك للحفاظ على الأغذية من الفساد، ولكن الجديد الذي قدمه فريق بحثي من جامعة “كيس ويسترن ريزيرف” الأميركية، هو جعل هذا النظام يعمل بالطاقة الذاتية.

وعن تفاصيل نظامهم الجديد، يقول الباحثون في دراستهم المنشورة في عدد أغسطس/آب الحالي من دورية “نانو إنيرجي”، إنه “مع ظهور إنترنت الأشياء، لم تعد التغليفات التقليدية التي تخزن المنتجات وتحميها فقط كافية، وأصبح التغليف الذكي، الذي يستشعر ويكتشف ويسجل حالة المنتج المعبأ، حلا جديدا يوفر معلومات حول جودة وسلامة البضائع أثناء الإنتاج والتخزين والنقل والاستهلاك، لكن أجهزة الاستشعار المستخدمة تستهلك بدورها طاقة، كما أن عمر البطاريات التقليدية محدود، ويمكن أن يسهم في التلوث البيئي”.

الطاقة الذاتية

كان التحدي الذي واجهه الباحثون في دراستهم هو اختراع نظام تغليف يعمل بالطاقة الذاتية، عن طريق حصاد طاقة الاهتزاز المهدورة أثناء نقل البضائع، وإعادة استخدامها.

ويوضح الباحثون أنه “أثناء النقل تتعرض المركبات لاضطرابات مختلفة في الطرق الوعرة، وأثناء التسارع وقوى الكبح، مما يتسبب في اهتزاز البضائع المعبأة وتبديد كمية كبيرة من الطاقة، والفكرة أننا تمكنا من حصاد طاقة الاهتزاز المهدورة بطريقة عملية وغير مكلفة، وذلك من أجل إعادة استخدامها”.

وكانت هناك محاولات سابقة لحصاد الطاقة باستخدام المولدات الكهروضغطية والكهرومغناطيسية، لكن استجابتها عالية التردد وحجمها الكبير، حالا دون تطبيقها في التغليف الذكي، وما قدمه الباحثون في دراستهم أنهم دمجوا أنظمة حصاد الطاقة داخل العبوات نفسها.

توظيف المواد المجففة

ويقول البيان الصحفي -الذي نشره الموقع الإلكتروني لجامعة “كيس ويسترن ريزيرف” في 25 أغسطس/آب الجاري- إن النظام الجديد يعتمد على المواد المجففة؛ مثل: “حبيبات هلام السيليكا”، ووظيفتها في امتصاص الرطوبة داخل العبوة، التي أصبحت من المكونات المهمة في صناعات تغليف المواد الغذائية والأدوية والإلكترونيات.

ويوضح التقرير أن الباحثين صمموا إطارا على شكل قرص عسل مصنوع من الورق المقوى لتخزين المواد المجففة، التي تُستخدم لتوليد الكهرباء أثناء ارتدادها داخل قرص العسل، وهو تطبيق عملي لما يعرف بـ “المولدات النانوية الكهربائية الاحتكاكية”.

وتعرف هذه المولدات بأنها أي جهاز لجمع الطاقة يحول الطاقة الميكانيكية بين جسمين ينزلقان ضد بعضهما بعضًا إلى كهرباء، وهو المبدأ الذي يعتمد عليه النظام الجديد.

ويقول تشانيونغ تشيس كاو، الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية بجامعة “كيس ويسترن ريزيرف”، الذي قاد فريق البحث، إن هذا النهج الموفر للطاقة “من شأنه أن يفيد الجميع، فهو يجعل سلسلة التوريد أكثر فعالية من حيث التكلفة للموزعين، وأكثر توفيرا لمنتجي الأغذية، ويضمن أغذية ذات جودة أعلى للمستهلكين”.

ويضيف أن “حوالي ثلث الأغذية المنتجة للاستهلاك البشري تُفقد أو تُهدر (ما يقرب من 1.3 مليار طن من الأغذية كل عام)، ويمكن أن يؤدي الحل الذي نقدمه إلى تقليل التلف بشكل كبير، وخفض التكاليف وضمان سلامة الأغذية”.

الخطوات التالية

ويتوافق النهج الذي قدمه الباحثون في دراستهم مع الحلول التي يقترحها البنك الدولي لمشكلة هدر الطعام، التي تشمل تقنية أفضل لتخزين المواد القابلة للتلف، والحفاظ عليها طازجة في سلسلة التوريد.

وعلى الرغم من أن كاو وفريقه لم يتناولوا كيفية تبريد الأطعمة القابلة للتلف أثناء النقل بشكل أفضل في هذا المشروع، فإنهم تعاملوا مع المهمة الأولى المتمثلة في تحديد متى يحدث التلف، ووصف ما يحدث من خطأ.

ويبني الفريق الآن نموذجا أوليا فعالا لهذا الاختراع الجديد، ويأمل في تسويقه خلال السنوات الخمس المقبلة. ويتوقع كاو أن يجد الاختراع فرصا كبيرة في التسويق، لأنه صالح -أيضا- للاستخدام عند شحن اللقاحات، وهي مشكلة ظهرت بقوة إبان جائحة “كوفيد 19”.

ويقول، “صحيح أننا ركزنا في الدراسة على اكتشاف ومنع تلف الأغذية، لكن التقنية التي نوفرها يمكن أن تكون مفيدة لشحن اللقاحات، حيث يمكن للنظام أن يزود الشركات والهيئات الحكومية بمعلومات دقيقة في الوقت الفعلي، حول درجة حرارة تلك الشحنات المهمة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version