بغداد- أثارت تغريدة زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر أول أمس الأربعاء التي قرر فيها إلغاء المظاهرات التي دعا إليها لنصرة غزة -والتي كانت مقررة اليوم الجمعة- علامات استفهام بشأن أسباب هذا التراجع ومدى تأثيره على إمكانية عودته إلى العمل السياسي.
وبشكل مباشر، يربط المحلل السياسي المقرب من التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) رافد العطواني قرار الصدر بحادثة تفجير أجهزة “البيجر” في لبنان.
وأوضح العطواني للجزيرة نت أن التغريدة حملت في طياتها رسائل عديدة داخلية تمثلت في إعادة ترتيب الأوراق لما قد يحدث في الأيام القادمة للضغط على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) September 18, 2024
إعادة تموضع
أما الرسالة الخارجية فيقول العطواني إنها موجهة إلى الولايات المتحدة وحلفائها باحتمالية اللجوء إلى خيارات أخرى، لافتا إلى أن “عودة الجناح العسكري وإلغاء تجميد جيش المهدي ودمجه في سرايا السلام قد يكون ضمن خطوات إعادة التموضع وإحياء المقاومة من جديد”.
وحسب المحلل، هنالك خطوة قادمة من الصدر في حال عدم استجابة الحكومة العراقية والولايات المتحدة لمطالبه، مرجحا “رؤية مدونات ورسائل تهديد مستقبلا من الصدر لواشنطن”.
وبشأن احتمالية عودة الصدر إلى العملية السياسية، أشار المتحدث إلى أنه لم يترك العمل في الساحة السياسية، لكنه توقف لفترة وجيزة لإعادة ترتيب الأوراق.
واستدرك “لمسنا بعد أكثر من عام على تشكيل حكومة السوداني تحركات عديدة للصدر، من بينها تغيير اسم التيار من الصدري إلى “الوطني الشيعي” مع وضع العلم واسم التيار الجديد ضمن تغريداته، مما يعني احتمالية عودته إلى المشهد السياسي في الأيام القادمة”.
عودة محتملة
وكان مقتدى الصدر أعلن في 29 أغسطس/آب 2022 اعتزال الشؤون السياسية وإغلاق كافة مؤسسات التيار باستثناء المرقد والمتحف “الشريفين” وهيئة تراث آل الصدر.
وقال الصدر في بيان على منصة “إكس” حينها “كنت قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية إلا أنني الآن أعلن الاعتزال النهائي”.
من جانبه، رجح الباحث في الشأن السياسي ميسر الشمري “خشية” الصدر من تكرار سيناريو التفجيرات بلبنان مؤخرا في بغداد، مشيرا إلى أنه قد تكون لديه معلومات حازمة دفعته إلى اتخاذ قرار تأجيل المظاهرات.
ويرى الشمري في حديث للجزيرة نت أن القرار جاء “لحماية جماهير التيار من احتمالية هجوم أو اختراق قد يمارسه الكيان الصهيوني ضد المظاهرات”، معتبرا أن إلغاءها لن يؤثر سلبا على مكانة ومواقف الصدر السياسية والجماهيرية.
وأكد أن عودته إلى العملية السياسية ستكون محط ترحيب جميع الأطراف الأخرى، وسيكون منافسا قويا خلال الانتخابات.
وفي 17 سبتمبر/أيلول الجاري أعلن حزب الله أن المئات من مقاتليه وآخرين من المواطنين اللبنانيين أصيبوا بجراح متفاوتة الخطورة بعد انفجار أجهزة “بيجر” كانوا يحملونها، واتهم إسرائيل بالوقوف وراء هذه التفجيرات التي وقعت في مناطق عديدة، بينها الضاحية الجنوبية لبيروت ومدن البقاع والنبطية والحوش وبنت جبيل وصور وطرابلس وبعلبك.
الجناح العسكري
بدوره، رجح عبد الرحمن الجزائري القيادي في “تيار القسم الوطني” المنضوي في ائتلاف نوري المالكي (دولة القانون) احتمالية عودة نشاط جناح عسكري تابع للصدر مشابه لـ”جيش المهدي” في حال اتسعت رقعة الصراع مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وقال الجزائري للجزيرة نت إن المنطقة تشهد تداعيات خطيرة، وبالتالي يعتقد الصدر أنه لا جدوى من حشد هكذا مظاهرات في الوقت الحاضر، مرجحا التحاقه بالعملية السياسية والمشاركة في الانتخابات المقبلة بلون آخر وهو الوسطية (المدنية).
وقرر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في 30 يوليو/تموز 2007 تجميد أنشطة “جيش المهدي” التابع له لإعادة النظر في هيكلته، وذلك على خلفية تورط بعض أعضائه في الاشتباكات التي شهدتها مدينة كربلاء جنوب العراق وأسفرت عن مقتل العشرات.
وقد أصدر الصدر حينها بيانا أمر فيه بإيقاف كافة أنشطة هذه المجموعة، بما فيها تلك الموجهة ضد قوات الاحتلال، وذلك ليتسنى لقيادة التيار إعادة النظر في تشكيلاته وهياكله.