بيروت- عاد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 إلى الواجهة مجددا، وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، أمس الاثنين، استعداد بلاده لتنفيذ ما يتطلبه القرار بما في ذلك نشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني.
وأكد ميقاتي أن وقف العدوان الإسرائيلي يشكل “مدخلا للحل”، مشددا على التزام لبنان بتطبيق القرار الذي أنهى حرب تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل.
وجاء الموقف اللبناني الرسمي تكرارا للسابق وتحديدا بعد ما أعلنه الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون -بالتنسيق مع بعض الدول العربية- لوقف إطلاق نار مؤقت لمدة 3 أسابيع والبحث في آلية تطبيق القرار 1701.
غير أن الموقف اللبناني الرسمي تزامن هذه المرة مع:
- زيارة وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان نويل بارو إلى بيروت، حيث التقى عددا من المسؤولين وأكد أن “ثمة حلولا دبلوماسية” في لبنان، رغم الضربات الإسرائيلية المكثفة التي تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت.
- بالتوازي مع بدء عملية برية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في عدد من القرى الحدودية الجنوبية استكمالا لتصعيد العدوان والاستهدافات على مختلف المناطق اللبنانية بدءا من الجنوب نفسه مرورا بالضاحية، وصولا إلى البقاع.
- مع أول إطلالة لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، بعد اغتيال الأمين العام حسن نصرالله، وتأكيده على جهوزية الحزب للالتحام مع “العدو” في حال أي توغل بري، وعلى استمرار جبهة الجنوب في إسناد غزة وشعبها ومقاومتها.
وقد دعا القرار الدولي 1701، الذي صدر في أغسطس/آب 2006 بعد الحرب الثانية بين لبنان وإسرائيل التي استمرت 34 يوما، إلى وقف كامل للعمليات العسكرية، وطالب حزب الله بوقف هجماته ضد إسرائيل مقابل سحبها قواتها من جنوب لبنان.
كما نص على نشر الجيش اللبناني في الجنوب بالتعاون مع قوات حفظ السلام المؤقتة التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل)، مع إنشاء منطقة خالية من الأسلحة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. ودعا إلى تطبيق بنود اتفاق الطائف، والقرارين رقمي 1559 و1680، بما في ذلك تجريد كل الجماعات المسلحة اللبنانية من سلاحها وعدم وجود قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة اللبنانية.
التزام
برأي الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان، فإن موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يعكس التزام الدولة اللبنانية بالقرارات الدولية. ويقول للجزيرة نت إن هذا الالتزام يشكل ضغوطا دبلوماسية وسياسية على الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي ترفض تنفيذ أي قرار دولي، وخاصة القرار 1701.
ويضيف شومان أن نتنياهو يفرض شروطا تتجاوز هذا القرار مما يؤدي إلى إسقاطه تماما، ويعتبر موقف ميقاتي تأكيدا واضحا على التزام لبنان بالقرارات الدولية حيث دعا إلى ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها. ويوضح أن ميقاتي يدرك تماما رفضها تنفيذ هذا القرار ويعلم أن الشروط التي يطرحها الاحتلال تنسف أساسه.
ويؤكد أن هذا الموقف اللبناني ليس جديدا، بل يعكس سياسة الدولة اللبنانية عبر الحكومات المتعاقبة مما يدل على ثبات الدولة على القرارات الدولية. ويوضح أن تطبيق القرار 1701 مرهون بموقف الإسرائيليين الذين وسّعوا عدوانهم وحاولوا تجاوزه، “بل أسقطوه فعليا”.
وحسب الكاتب شومان، فإن موقف ميقاتي، كما صرح، منسجم مع موقف الرئيس اللبناني نبيه بري، وهو رسالة إلى المجتمع الدولي تؤكد استعداد لبنان لتنفيذ هذا القرار، ولكن مسؤولية خرقه وإسقاطه تقع على عاتق الاحتلال الإسرائيلي.
توازن المواقف
من جانبه، يوضح الكاتب والباحث السياسي علي أحمد -في حديثه مع الجزيرة نت- أن المطلوب من إسرائيل في المقام الأول هو تنفيذ القرار 1701، ويتساءل عما إذا كانت مستعدة لتنفيذه ووقف الخروقات، مشيرا إلى أن الضربات الجوية التي تجاوز عددها 30 ألفا تُعتبر محور الموقف الإسرائيلي بخصوص تنفيذ القرار.
ويضيف أن حديث رئيس الحكومة اللبنانية بلغة تدعو لوقف إطلاق النار أمر متوقع، خصوصا أن الجميع يطالب بذلك، ويشدد على أن المقاومة تركز بشكل أساسي على الاستعداد للاحتمالات المستمرة للحرب وتعمل على تجهيز نفسها لكل السيناريوهات الممكنة.
وبرأي الباحث أحمد، فإن موقفي الدولة والمقاومة يكمّل بعضهما بعضا بما يخدم مصلحة لبنان، ويؤكد أنه رغم بعض القصور في ملفات مثل النازحين، فإن الحكومة تؤدي عملها بشكل جيد عموما، وما يجري من تحركات سياسية يعد أمرا مهما.
من جهته، يرى أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي علي مطر أن الحديث عن الدبلوماسية في ظل العدوان الإسرائيلي غير ممكن في الوقت الحالي، حيث تعتبر إسرائيل هي الجهة التي تنتهك القرار 1701، وليس لبنان. وأكد أن حزب الله التزم بهذا القرار في حين أن “العدو الإسرائيلي هو من خرقه”.
وفي تصريحه للجزيرة نت، شدد مطر على أن وقف العدوان يجب أن يكون الخطوة الأولى، وأضاف أن أي مفاوضات لا يمكن أن تبدأ إلا إذا استمر الدعم لغزة، وأن فك الجبهات لن يكون ممكنا قبل وقف العدوان على كل من غزة ولبنان.