عادت مخاوف التباطؤ الاقتصادي لتلقي بظلال قوية على سوق النفط الخام وتدعم الاتجاهات الهبوطية مع بقاء توقعات استمرار التقلبات السعرية، إذ أدى الانخفاض الأقل من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية إلى تعزيز المقاومة لمزيد من المكاسب.
وانخفضت العقود الآجلة الأكثر نشاطا لخام غرب تكساس الوسيط إلى أقل من 90 دولارا للبرميل بعد أن ترك بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي دون تغيير، في حين أشار إلى أن تكاليف الاقتراض من المرجح أن تظل مرتفعة فترة أطول بعد رفع آخر هذا العام.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون، إن الانخفاض الطفيف في المخزونات والأخطار المتمثلة في أن سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي ستكون مقيدة فترة أطول بكثير، مما كان متوقعا في البداية، تسمح لمتداولي الطاقة بجني بعض الأرباح.
وأشاروا إلى أن ارتفاع سعر النفط الخام خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بفضل قيود العرض التي فرضها تحالف “أوبك+”، إضافة إلى التوقعات الأكثر إيجابية في الولايات المتحدة والصين.
وأوضح المحللون أن بيانات العرض والطلب تشير إلى أن السوق تضيق، حيث تراجعت المخزونات الأمريكية 2.14 مليون برميل الأسبوع الماضي واقتربت من الحد الأدنى لمستويات التشغيل، مشيرين إلى تقديرات صادرة عن “آي إن جي” تشير إلى أن العجز الحالي بأكثر من مليوني برميل يوميا مستمر خلال الربع الرابع من العام الحالي.
وفي هذا الإطار، قال هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة، إن أسعار النفط الخام من المرجح أن تواصل وتيرة المكاسب وقد تتجاوز 100 دولار للبرميل، لكن على نحو غير مستدام.
وذكر أن ارتفاع أسعار النفط لا يزال أمامه مجال للاستمرار وقد يتجاوز خام برنت 100 دولار للبرميل على المدى القريب على افتراض أن “أوبك+” لن تتراجع عن تخفيض إمداداتها، لافتا إلى أن العجز الحالي في المعروض النفطي الذي يزيد على مليوني برميل في اليوم سيتسع خلال الربع الرابع من العام الحالي.
بدوره يرى أندرو موريس مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات، أن استراتيجية تحالف “أوبك+” تتمثل في تحقيق الاستقرار في الأسواق وعدم استهداف مستويات أسعار معينة، مشيرا إلى أن التنبؤ بمستقبل أسعار النفط ليس مهمة سهلة ولا تتعلق بالأساسيات فقط، بل بعوامل أخرى ومستجدات غير متوقعة تطرأ على السوق.
ورجح أن تشديد العرض والطلب الزائد سيستمر في المستقبل، حيث إن الطلب الصيني على النفط لا يزال غير مؤكد، وكذلك الحال بالنسبة للاقتصاد الأوروبي وارتفاع أسعار الفائدة العالمية، مشيرا إلى أن ارتفاع التضخم، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اتخاذ البنوك المركزية إجراءات رفع أسعار الفائدة.
من جانبه، أوضح أندريه جروسي مدير شركة “إم إم أيه سي” الألمانية، أن أسعار النفط الخام ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ عشرة أشهر عند 95 دولارا للبرميل مع وجود مؤشرات في السوق إلى تشديد محتمل.
وأكد أن الهدف من خفض الإنتاج الإضافي المستمر من قبل السعودية هو تحقيق الاستقرار في سوق النفط ومنع التقلبات الشديدة في أوقات عدم اليقين وليس رفع الأسعار، وذلك في ضوء تمديد خفض الإمدادات حتى نهاية العام الجاري.
أما ويني إكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية، فتؤكد أن العلاقات الدولية في مجال الطاقة متشابكة ومعقدة، حيث نجد أن تدشين تعاون أمريكي – هندي على هامش اجتماع قمة مجموعة العشرين أخيرا في مجال الطاقة المتجددة.
وأضافت أنه في حين تعمل الهند على تعميق علاقات الطاقة مع الولايات المتحدة، فإنها تواصل وارداتها النفطية الرخيصة والمتنامية من روسيا حتى مع تصاعد التوترات والصراعات العالمية، لافتة إلى استمرار تخفيضات إنتاج “أوبك+” في التأثير على كل من النفط الخام والمنتجات المكررة، حيث وصل خام برنت إلى أعلى مستوى له منذ عشرة أشهر، كما ترتفع الأسعار في سوق الديزل وسط قيود العرض.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط ما يقرب من 1 في المائة خلال تعاملات أمس، لتواصل نزيف الخسائر للجلسة الثالثة على التوالي وسط مخاوف من ركود اقتصادي قد يحد من الطلب.
وعوضت توقعات رفع أسعار الفائدة الأمريكية تأثير تراجع مخزونات النفط الأمريكية، ومخاوف نقص الإمدادات على خلفية تخفيضات الإنتاج من قبل السعودية وروسيا.
وبحلول الساعة 06:33 صباحا بتوقيت جرينتش (09:33 صباحا بتوقيت مكة المكرمة)، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي -تسليم نوفمبر 2023- بنسبة 0.8 في المائة لتصل إلى 92.78 دولار للبرميل.
وفي الوقت نفسه، تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي -تسليم نوفمبر بنسبة 0.85 في المائة لتصل إلى 88.90 دولار للبرميل، وأعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأربعاء، تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى يراوح بين 5.25 و5.50 في المائة، لتظل عند أعلى مستوياتها منذ 22 عاما، ما جاء متوافقا مع أغلب التوقعات في السوق.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 95.82 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 97 دولارا للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات سابقة عدة على التوالي، وإن السلة ارتفعت بأقل من دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 95.01 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version