عند الاقتراب من “فورست سيتي”، المشروع العقاري الضخم بقيمة 100 مليار دولار في ماليزيا الذي تقوده شركة “كانتري غاردن” الصينية العملاقة، يضطر سائقو السيارات إلى الانعطاف بسبب جسر منهار. وفي المدينة المليئة بأشجار النخيل، شوارع وشقق ومحلات تجارية مقفرة.
نجت المدينة التي كانت تستهدف مشترين صينيين من الطبقة المتوسطة حتى الآن من المبيعات المتعثرة، والقيود على العملة الصينية، والإغلاق بسبب الوباء، والغضب العام من نفوذ الصين المتزايد في ماليزيا.
لكن مستقبلها مهدد الآن حيث تواجه المجموعة العقارية المطورة “كانتري غاردن” صعوبات مالية وترزح تحت وطأة ديون هائلة تبلغ 196 مليار دولار.
وأعلنت “كانتري غاردن”، التي اعتبرت لفترة طويلة متينة ماليا، في أغسطس خسائر قياسية في النصف الأول من السنة.
وحصلت الشركة الصينية السبت على مهلة تريحها مؤقتا من ضغط ديونها الطائلة، مع موافقة دائنيها في اللحظة الأخيرة على إعادة جدولة استحقاق حرج مترتب عليها، ما يسمح لها بتفادي التعثر المالي.
لكنها لم تنج تماما من الخطر، اذ تواجه الأسبوع المقبل استحقاقَي فوائد قروض بقيمة 22,5 مليون دولار لم تسددهما في أغسطس. وإن عجزت عن تسديدهما، فقد تواجه وضع تعثر مالي مع انقضاء مهلة السماح الممنوحة لها لثلاثين يوما الثلاثاء.
ويؤكد الصيني تشاو بوجيان (29 عاما) من مقاطعة خنان الذي اشترى شقة من أصل 26 ألفا متاحة في فورست سيتي مقابل نحو 430 ألف دولار قبل خمس سنوات أنه يأمل في “أن تتمكن كانتري غاردن من التغلب على الصعوبات المالية التي تواجهها“.
ويشير “إذا لم يأت أي شخص إلى فورست سيتي، فلن نتمكن من القيام بأعمال تجارية هنا“.
وأطلق المشروع تحت مبادرة “حزام وطريق” الصينية. ويقيم حاليا 9 آلاف شخص في فورست سيتي وهو رقم أدنى بكثير من هدفها المتمثل بـ700 ألف مقيم.
وخلال النهار، يتنقل عمال البناء في المدينة لكن في الليل يخيم الصمت على الطريق السريع المهجور المؤلف من أربعة مسارات.
ولا يوجد سوى عدة أضواء من النوافذ عند المساء من عشرات الأبراج في المدينة.
في الشارع، واجهات متاجر مغلقة ألصق على بعضها وثائق قضائية تطالب بسداد دفعات مستحقة. بينما تتناثر القمامة على الأرضيات داخلها.
منطقة خاصة
وتقع هذه المدينة على الجانب الآخر من سنغافورة، في ولاية جوهور وكانت إحدى المقامرات الطموحة التي قامت بها الشركة الصينية العملاقة.
وأكد حارس أمن لوكالة فرانس برس أن العديد من المشترين لا يعيشون في هذه المدينة. وقاموا بشراء شقق فيها من أجل الاستثمار.
وفي صالة عرض للمشترين المحتملين، نموذج مكتمل للمدينة المقامة على أربع جزر اصطناعية، وهو أمر بعيد عن وضعها الحالي. ووضعت لافتات بالماندرين والملاي والإنجليزية.
وعارضت الحكومات السابقة منح إقامة للمستثمرين المغتربين، وانتقدت المشروع باعتباره مبنيا للأجانب فقط.
تدخل رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم لمحاولة إنقاذ مدينة فورست سيتي. وأعلن الأسبوع الماضي إنشاء “منطقة مالية خاصة” وامتيازات تشمل معدل ضريبة دخل خاص وتأشيرات دخول متعددة.
لكن يشكك المراقبون في جدوى ذلك.
ويقول برنارد أو، كبير خبراء الاقتصاد في كوفاس لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، إن الضغط على الشركة الصينية لتسديد مستحقات دائنيها “قد يكون له تأثير على قدرتها على استكمال مشاريع عقارية في الخارج“.
“مدينة أشباح“
تبعد المدينة ثلاث ساعات بالسيارة عن العاصمة كوالالمبور وتجذب الزوار لرؤية أبراجها الضخمة أو لشراء الكحول المعفى من الرسوم الجمركية.
جاء دينيش راج رافينداران (32 عاما) المقيم في سنغافورة من أجل “المشروبات الكحولية“.
ويؤكد “لن أبقى هنا، إنها مدينة أشباح. الطريق مظلم وخطير ولا توجد أضواء في الشوارع“.
ومعظم الحركة في المدينة تتألف من عمال أجانب- جاء أغلبهم من بنغلادش والنيبال- من أجل حراسة الأبراج أو كنس الطرقات أو صيانة الغابات.
عند شاطىء رملي اصطناعي حيث تأتي العائلات للتنزه تحت أشجار جوز الهند، لافتة تحذر السياح المحتملين من التماسيح.
وعند برج مؤلف من 45 طابقا، يقول مسؤول إن طابقين فقط مشغولان بينما الباقي معروض للبيع.
ويؤكد نورزيواه زامري (30 عاما) من ولاية ملقا “جئت إلى هنا لقضاء عطلة بعد أن شاهدت مقاطع فيديو تيك توك“.
وتابع “إذا سألتني إذا كنت سأعيش هنا، فالإجابة هي لا“.