طالبت جمعية المعماريين المصريين بإنقاذ منطقة مقابر (جبّانات) القاهرة التاريخية من “أعمال الهدم التخريبية”.

وحسب بيان وقّع عليه قبل أيام أعضاء نقابات مهنية وجمعيات علمية، أشارت الجمعية إلى أن المقابر التاريخية تتعرض لما وصفته بـ”تدمير شامل لم تشهده خلال 14 قرنًا، ولا خلال أي من فترات الاحتلال الأجنبي”، ونبهت إلى القيمة التراثية للمنطقة المدرجة في قائمة التراث العالمي.

من جانبها، حجزت محكمة القضاء الإداري دعوى لوقف إزالة المقابر التاريخية للحكم في 21 سبتمبر/أيلول الجاري، حسبما أعلن وكيل المدعين المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وكان مجلس الدولة قد رفض -قبل أكثر من شهرين- دعوى عاجلة لوقف الهدم الذي استمر في المنطقة، التي تحتوي على مقابر لشخصيات تاريخية، ومبان تراثية عريقة.

ورحب ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي في مصر، بإعلان أيمن ونس، رئيس اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز في شرق القاهرة، استقالته قبل أيام، من رئاسة اللجنة على خلفية الهدم المستمر لمقابر القاهرة التاريخية، خاصة بمناطق الإمام الشافعي، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة.

ونشر أيمن ونس، أمس، صورة من خطاب استقالته عبر صفحته على فيسبوك، وذكر فيها أن سبب الاستقالة هو عدم جدوى عمل اللجنة، في ظل ما يحدث الآن من أعمال هدم وإزالة للمقابر التراثية ذات القيمة المعمارية والعمرانية والتاريخية بالقاهرة.

وتابع ونس، “ما يحدث الآن ليس إهدار لمباني المقابر التاريخية التراثية فحسب؛ لكنه إهدار لنسيج عمراني تاريخي ذي قيمة متفردة على مستوى العالم، ويمثل جزءا مهما من التراث العالمي، وإهدار لتراث مصر التاريخية ذات القيمة التي لا يمكن تعويضها، وهو الأمر الذي لا يستقيم مع الاستمرار في عملي رئيسا للجنة”.

وحذف ونس منشوره لاحقا مؤكدا تثمينه، “جهود الدولة الدؤوبة والمستمرة في التطوير، وتحسين البيئة العمرانية وحياة المواطنين”، مشيرا إلى أن دافعه كان حبه لوطنه وغيرته على الكنوز التراثية، وتحسين أداء التطوير بما “لا يؤثر في المخزون التراثي الثمين الذي نمتلكه”، كما أكد أنه “سيتم محاسبة المتجاوز، وتصحيح مسار أعمال التطوير”.

وكانت محافظة القاهرة قد نفت -عبر صفحتها على فيسبوك- إزالة مقبرتي الإمام ورش صاحب إحدى القراءات السبع للقرآن الكريم، وأمير الشعراء أحمد شوقي، ضمن أعمال التطوير التي تجرى بمنطقة الإمام الشافعي، وذلك بعد أن تداولت وسائل الإعلام المحلية عمليات الإزالة.

وعبّر مدونون عن ترحيبهم باستقالة ونس، ورأوها تنمّ عن ضمير حي يرفض ما يحدث من تدمير للتراث الحضاري المصري، بينما أشار بعض المدونين إلى أن هذه الاستقالة لن توقف الهدم، وستستمر الحكومة في خطتها.

وكتب الباحث والمفكر المصري، إسماعيل حسني، مشيدا بالاستقالة.

وقال الدكتور يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، “بداية الغيث قطرة، تلك هي المقاومة، مقاومة الخوف وشرور النفس، أ.د. أيمن ونس استقال من رئاسة اللجنة الدائمة لحصر المباني التاريخية”.

وعلّقت نادية توفيق قائلة، “الأساتذة والمتخصصون قد برئت ذمتهم من جريمة هدم معالم القاهرة القديمة”، بينما قالت غادة خفاجي، “ولا حياة لمن تنادي اضربوا رأسكم في الحيط، تدمير التاريخ والحاضر والمستقبل مستمر”.

وتنفذ محافظة القاهرة أعمال إزالة في منطقة مقابر الإمام الشافعي بنطاق حي مصر القديمة، من أجل إنشاء محور يحمل اسم صلاح سالم.

ولم يتوقف الجدل في مصر منذ قيام الحكومة بتطوير شبكة الطرق بالقاهرة التاريخية قبل 3 سنوات، صاحبه انتشار صور ومقاطع مصورة لعمليات هدم بالجرافات.

وزادت وتيرة أعمال الإزالة خلال آخر أسبوعين، في الوقت الذي انتشرت فيه قصص عن مقابر يعدّها الباحثون والمهتمون بالحضارة “أثرية وتاريخية”، وسط دعوات مستمرة بوقف أعمال الهدم ونقل الرفات.

وتقول الحكومة المصرية، إن مثل تلك المحاور المرورية والطرق الجديدة والتوسعة الجارية ضرورية لحل أزمة الزحام والاختناق المروري، واختصار الوقت، وربط القاهرة القديمة بالطرق الرئيسة، وصولا إلى العاصمة الإدارية الجديدة.

وإلى جانب ذلك، كان الإهمال أحد الأسباب التي دفعت منظمة اليونسكو إلى التلويح بشطب المنطقة التاريخية من قائمة التراث العالمي، ونقلها إلى قائمة التراث المعرض للخطر، حسب صحف ومواقع محلية.

ويعود تاريخ مدينة الموتى -التي تمتد على مسافة 12 كيلومترا وتغطي مساحة تبلغ حوالي ألف هكتار- إلى الفتح الإسلامي لمصر، وهناك ترقد شخصيات إسلامية بارزة؛ مثل: عمرو بن العاص، الذي قاد فتح مصر وحكمها لسنوات، كما توجد قبور العديد من مشاهير الأدب والسياسة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version