في لحظة امتزج فيها الحزن بالذاكرة، أعلنت مؤسسة بريجيت باردو، أمس (الأحد)، وفاة واحدة من أكثر الشخصيات تأثيراً في تاريخ السينما والثقافة الفرنسية، النجمة العالمية بريجيت باردو، عن عمر ناهز 91 عاماً. خبر الرحيل لم يكن عادياً، إذ طوى صفحة امرأة لم تكن مجرد ممثلة، بل رمزاً للحرية والتمرد والجمال، وذات حضور عالمي تجاوز حدود الشاشة.
بيان الرحيل
وفي بيان مؤثر وجّهته إلى وكالة الصحافة الفرنسية، أعلنت المؤسسة خبر وفاة مؤسستها ورئيستها، ووصفت باردو بأنها الممثلة والمغنية العالمية التي اختارت في ذروة شهرتها أن تنسحب من الأضواء، لتكرّس حياتها بالكامل للدفاع عن حقوق الحيوانات ودعم القضايا الإنسانية.
ولم يتضمن البيان تفاصيل حول زمان أو مكان الوفاة.
ظاهرة عالمية
سطع نجم بريجيت باردو عالمياً مع فيلم عام 1956، الذي شكّل نقطة تحول في تاريخ السينما الفرنسية، ورسّخ صورتها كرمز جديد للأنوثة والتحرر.
وخلال مسيرة فنية حافلة، شاركت في نحو 50 فيلماً، قبل أن تقرر في أوائل سبعينات القرن الماضي اعتزال التمثيل نهائياً، وهي في قمة شهرتها.
اختيار العزلة
بعد انسحابها من عالم الفن، استقرت باردو قرب مدينة سان تروبيه على الريفييرا الفرنسية، حيث كرّست حياتها للدفاع عن حقوق الحيوان، لتصبح من أبرز الأصوات العالمية في هذا المجال، وتحوّل نضالها إلى جزء أساسي من هويتها العامة.
ماكرون ينعى
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نعى الراحلة بكلمات مؤثرة، واصفاً إياها بـ«الأسطورة» التي «جسّدت حياة الحرية».
وكتب عبر منصة «إكس» أن أفلامها وصوتها وشهرتها وحضورها العالمي، إلى جانب شغفها بالدفاع عن الحيوانات، جعلت منها شخصية فرنسية استثنائية ذات تأثير عالمي، مؤكّداً أن فرنسا تودّع اليوم إحدى أيقونات القرن.
إشادات رسمية
من جهتها، وصفت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي باردو بأنها «أيقونة بين الأيقونات، حرة وفرنسية بامتياز».
كما نعتها مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني، معتبرة أنها امرأة «حرة، صلبة، وفرنسية حتى النخاع».
بدورها، أكدت بلدية سان تروبيه أن باردو ساهمت في جعل المدينة محط أنظار العالم، وأن ذكراها ستبقى خالدة في وجدان أهلها.
مواقف مثيرة للجدل
لم تكن بريجيت باردو شخصية تقليدية؛ فقد شكّلت رمزاً للتحرر في خمسينات القرن الماضي، سواء في اختياراتها الفنية أو أسلوب حياتها.
وفي سنواتها الأخيرة، أثارت الجدل بتصريحات حادة حول السياسة والهجرة وقضايا اجتماعية مختلفة، وأُدينت قضائياً في بعض القضايا المتعلقة بتصريحات وُصفت بأنها مسيئة.
امرأة كسرت القوالب
كانت باردو تجسيداً لامرأة كسرت القيود الأخلاقية والاجتماعية السائدة في زمنها، ورفضت أن تُحاصر بتوقعات المجتمع. وقد عبّر عن هذه الصورة الفنان سيرج غينسبور في أغنية كتبها لها عام 1967، واصفاً إياها بأنها امرأة «لا تحتاج إلى أحد».
مشاهد خالدة
خلّدت بريجيت باردو حضورها عبر مشاهد أيقونية لا تزال راسخة في الذاكرة السينمائية، من رقصها العفوي في أحد مطاعم سان تروبيه، إلى أدوار جسّدت فيها صراع الإنسان مع ذاته والمجتمع، مؤكدة قدرتها على تحويل الأداء إلى حالة فنية وإنسانية متكاملة.
وداعاً بريجيت باردو
برحيلها، لا تفقد فرنسا ممثلة شهيرة فحسب، بل تخسر رمزاً ثقافياً استثنائياً، امرأة عاشت بشروطها الخاصة، وكتبت اسمها في تاريخ الفن والحرية والنضال الإنساني بحروف لا تُمحى.












