في بادرة ثقافية تعاونية بين كل من متحف قطر للسيارات و”قطر تقرأ”، وهي مبادرة تابعة لمكتبة قطر الوطنية، صمّم الفنان بلال خالد عملًا فنيًّا متنقلًا يُحوّل شاحنة صهريج مياه إلى جدارية فنية متنقلة، من وحي الرواية الشهيرة “رجال في الشمس” للأديب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني. ويهدف المشروع إلى تعزيز الأدب العربي وإشراك المجتمع ودعم حملة “كتاب واحد، مجتمع واحد” السنوية التي تهدف لترسيخ ثقافة القراءة في كل أنحاء الدولة وبين مختلف فئات المجتمع.

وعُرض العمل الفني المتنقل “شاحنة المياه” أول مرة في النسخة الثالثة من مهرجان “كتاب واحد، مجتمع واحد” التابع لمبادرة “قطر تقرأ” والذي أقيم خلال الفترة من 31 أكتوبر/تشرين الأول إلى 16 نوفمبر/تشرين الثاني في مبنى رقم 18 في كتارا، ويمثل هذا المهرجان السنوي أبرز فعاليات الحملة ويحتفي بالأدب العربي عبر تسليط الضوء على كتب وأدباء مؤثرين من المنطقة.

وبهذه المناسبة، قال مدير متحف قطر للسيارات الدكتور الكندي الجوابرة “نؤمن بتأثير الفن الإيجابي على المجتمع، وقدرته على التعريف بالأدب بطرق جديدة ومبتكرة. وإنه لمن دواعي سرورنا التعاون مع مكتبة قطر الوطنية ومجموعة شاطئ البحر لإحياء أعمال الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني بطريقة مبتكرة ومستدامة”.

وفي كل عام، تختار حملة “كتاب واحد، مجتمع واحد” كتابًا من عيون الأدب العربي الثري للتركيز عليه طوال العام، وهذا العام كان الكتاب المختار هو رواية “رجال في الشمس” للأديب والسياسي الفلسطيني غسان كنفاني (1936-1972). وتبحث الرواية في موضوعات الصمود والتضامن والنزوح والسعي لتحقيق حياة أفضل، وبفضل سرديتها العميقة والمؤثرة أصبحت من أهم كتب الأدب العربي التي تتمحور حول القضية الفلسطينية، وذلك ما جعلها خيارًا مثاليا لمهرجان يتواصل مع الجماهير من جميع فئات المجتمع. وتتناول رواية “رجال في الشمس” قصة 3 لاجئين فلسطينيين يسافرون من العراق إلى الكويت بحثًا عن عمل وحياة أفضل، ويختبئون في خزان مياه في محاولة لتهريبهم عبر الحدود.

ومن جانبه، علّق ممثّل مجموعة شاطئ البحر، السيد صقر سعيد المهندي، نائب رئيس مجموعة شاطئ البحر، بقوله “تشرفنا برعاية هذه المبادرة، فهي تتماشى مع التزامنا بالتفاعل الثقافي، ونحن نؤمن بأن الفن يمكن أن يكون منصة للتغيير الإيجابي”.

وصرّحت فاطمة المالكي مدير مبادرة “قطر تقرأ” بقولها “نسعى في مبادرة قطر تقرأ لتحويل الأدب إلى أعمال فنية مدهشة تذكي الشغف بالقراءة لدى مختلف فئات مجتمعنا. ونحن لا نكتفي بتشجيع القراءة فحسب، بل نهدف لإعادة إحياء القصص والحكايات لنصنع تجارب مؤثرة تبقى في الذاكرة وتلهم الجميع لاكتشاف تأثير الأدب في إحداث التغيير. وفي الأشهر القادمة، سيجوب هذا العمل الفني المتنقل أماكن مختلفة، منطلقًا من المبنى 18 في كتارا، ليعرّف الجمهور على الرواية بوسائل بصرية تجمع بين الإبداع الفني وجمال الخط العربي”.

وقد صمم العمل الفنان بلال خالد وهو خطاط يسعى إلى ابتكار أسلوب جديد لكتابة الحروف العربية بطريقة غير تقليدية تتجاوز حاجز اللغات، ومن المزمع أن يتجوّل هذا العمل الفني المتنقل الذي يعرض اقتباسات من الرواية في مواقع مختلفة بأنحاء الدوحة لإشراك أفراد المجتمع في نشاط ثقافي فريد يهدف لتنمية حس التقدير تجاه الفن والأدب العربي، وإذكاء الحوار الثقافي حول القضايا الراهنة التي تهمّ المجتمع، وتسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني.

رجال في الشمس

61 عاما مرت على رواية غسان كنفاني الأولى والأكثر شهرة “رجال في الشمس” التي وصف فيها تأثيرات النكبة على الفلسطينيين عبر 4 نماذج من أجيال مختلفة، إذ قدم كنفاني الفلسطيني اللاجئ الذي حوله لاحقا إلى الفلسطيني الفدائي والثائر بالتزامن مع تحولات القضية.

في الرواية يتعرف القارئ على انتهازية “أبو الخيزران” كنموذج لقائد يبحث عن مصالحه الشخصية على حساب المجموع، وينتقل القارئ مع الرجال الثلاثة (أبو قيس وأسعد ومروان) في رحلة الموت من المخيم إلى البصرة وحتى الصحراء الحارقة قبل أن يلقوا حتفهم اختناقا في الخزان ويلقي المهرّب بجثثهم في مكبّ النفايات ويستولي على أموالهم.

ورغم أن كنفاني كان ميسور الحال، برأي الدكتور عادل الأسطة أستاذ الأدب في جامعة النجاح بنابلس، فلم يعش داخل المخيمات بسوريا، فإنه واكب حياة الفلسطينيين فيها وكتب عن مآسيهم فعاش “البؤس” مرتين؛ بلجوئه وبقربه من طلبته اللاجئين.

وقال الأسطة -في حديث سابق للجزيرة نت- إن معايشة كنفاني للنكبة ولانطلاق الثورة عام 1965 ورؤيته للفلسطينيين المشتتين في سوريا والكويت انعكستا على كتاباته التي كانت تؤكد أن اللجوء في المخيمات ليس حلا للشعب الفلسطيني.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version