«أرض النار والطبيعة والجمال» هكذا يصفها سكانها وزائروها، وأي جزء من أذربيجان التي تقع في منطقة جنوب القوقاز وتمتد على غرب آسيا وشرق اوروبا، يمكن أن يثير اهتمام السائحين والزائرين الذي يلاحظون التطور العمراني والابداع الهندسي ذات الطابع المعماري على مبانيها ومعالمها، اضافة للمناظر الطبيعة الجميلة.
لم تكن أذربيجان المعروفة على الخارطة الجغرافية أو حتى المعلوماتية، شبيهة بما يمكن أن تراه في ذلك البلد، وإذا كان فيها ما يوحي بقدم حياة الإنسان على الأرض، فإن فارقاً كبيراً أن ترى صوراً ومقاطع فيديو، وأن تلمس على أرض الواقع تلك الصخور التي تجسد الحياة القديمة، وتؤرخ لبدايات البشرية لما قبل 6000 سنة.
كنا هناك في أذربيجان الطبيعة والتاريخ والتي تحوي نصف براكين العالم المكتشفة حتى الآن، والتي توحي بالكثير من مقومات جوف الأرض، فكانت الرحلة في باطن الأرض وإلى عمق التاريخ.
الانطلاقة الأولى
لا يختلف اثنان على أن أذربيجان تزخر بحكايات لم يتم سردها بعد، واكتسبت هويتها التي تتسم بالسحر الشرقي والروعة الأوروبية، ومعروف عنها أنها ترحّب في الوقت عينه بالزائرين من مختلف الأماكن حول العالم، خصوصا أنها لطالما كانت على مفترق طرق الثقافة منذ آلاف السنين.
ومعلوم أن ثقافة أذربيجان، يتم نسجها من قصص المسافرين، بفضل موقعها الجغرافي، يواصل تاريخها التجدّد باستمرار، مثمراً عن مجموعة من القصص الرائعة على الدوام.
كانت الانطلاقة تلبية لدعوة زيارة من المجلس السياحي بأذربيجان، في 24 فبراير الماضي إلى العاصمة باكو، لتتم المغادرة من مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة مرورا بمطار أبوظبي، حيث كانت الرحلة مبكرة وصلنا من خلالها باكو الساحرة بجمالها في الساعة الثالثة ظهرا عبر محطات مختلفة من جدة والرياض ودبي بالإمارات العربية المتحدة، وفي طريقنا من المطار بعد إنهاء إجراءات السفر والتأشيرات، إلى الفندق مقر الإقامة لفت انتباهي عبر نافذة الحافلة التي أقلتنا المناظر الجميلة والشوارع الواسعة، حيث كنت أتصور أنها ذات شوارع ضيقة، غير أنني وجدتها مدينة عصرية بصورة مدهشة، وبمبانٍ ذات طراز معماري يحاكي تراثها الجميل.
وصلنا إلى الفندق الكائن على كورنيش العاصمة باكو، واطلالة على بلوليفارد يجبرك على النزول والمشي فيه والاستمتاع بالجلوس أمام البحر..
المدينة القديمة
في اليوم الثاني من وصولنا.. لابد وأن تكون رحلتنا واستكشافنا للعاصمة باكو حيث توجهنا منذ الصباح الباكر للمدينة القديمة ذات التاريخ العريق عبر بوابتها الواسعة، وتجولنا داخلها للتعرف على تاريخها وعراقتها، وتعتبر المدينة القديمة أقدم جزء من العاصمة الأذربيجانية والمعروفة باسم الحي التاريخي، إذ يغريك المكان بالسير طويلا داخلها، والتعرف على تاريخها والاستمتاع بجمال البناء والزخارف المعمارية الفريدة بالإضافة للمناظر التي تدفعك لالتقاط الصور الفوتوغرافية.
تتميز احتفالات الشاي في أذربيجان بجذور تقليدية تضرب في الأعماق، وتحتل مكانة في غاية الأهمية في الثقافة الأذربيجانية. وبينما يرتبط الشاي بالدفء، تقول التقاليد إنه على الشخص أن يقدم الشاي لكل زائر، حتى لو كان وقت الزيارة 5 دقائق فقط. بالإضافة إلى المطاعم التي تقدم الأطباق المحلية والعالمية، تقدم معظم المطاعم في البلاد خيارات طعام متنوعة.
وخلال تواجدنا في المدينة القديمة لاحظنا الشعب الأذري يتمتع بتعامل راق وبأدب جم تجده بقدم لك المساعدة والارشاد وهو ما سهل لنا خلال رحلتنا وتنقلاتنا.
تمكنا من زيارة الأسواق والمطاعم والشراء من البسطات التي على جانبي الشوارع الداخلية من المدينة القديمة، من الهدايا التذكارية المشغولات اليدوية، التي تتميز بها المدينة.
أبراج اللهب
في اليوم الثالث وضمن جدول الزيارة وقفنا أمام أبراج اللهب العجيبة وهي أطول ناطحة سحاب في باكو، مع ارتفاع 190 من تجولنا، حيث تقف هذه الأبراج شامخة والتي تعتبر من معالم المدينة التي صممت على شكل شعلة، كما تبرز أبراج اللهب كجوهرة معمارية أخرى في المدينة، ويمكن رؤية الهياكل الضخمة الثلاثة تلك من أي مكان في المدينة.
مركز حيدر علييف
كانت زيارتنا إلى مركز حيدر علييف وهو جوهرة تاج فنون العمارة الحديثة في باكو. إذ يشتهر المبنى الذي صممته زها حديد، بطرازه الذي لا يحتوي على خط مستقيم واحد، كما يوجد معرض تراثي ثقافي يعرض كل فترات تاريخ أذربيجان ونماذج فريدة من الحرف القديمة وخصوصا في نسيج السجاد المشهورة به أذربيجان، بالإضافة لمعرض السيارات الكلاسيكية القديمة النادرة التي تم إنتاجها منذ نهاية القرن الـ19 إلى ستينات القرن العشرين.
جبل النار
في اليوم الثالث توجهنا إلى منطقة يانارداغ والتي تسمى بجبل النار التي لا تنطفئ، حيث تبعد عن العاصمة 30 كلم تقريبا وهو موقع آخر يرمز إلى العديد من الروابط بين البلاد والنار، وهو أول جبل نار تشتعل فيه النيران لتصل إلى 10 أمتار عمودياً منذ قرون، تعرفنا عليها عن قرب ورغم برودة الجو الا أن النار تجعلك مستمتعا بالاجواء والمساحات الواسعة التي تحيط بالجبل، غدرنا جبل النار وهو يحكي عالم من الاسرار لنار لا تنطفئ أبدا.
قبالا
في اليوم الرابع كانت زيارتنا باتجاه الشمال إلى مدينة قبالا التي تعتبر من المناطق السياحية الجميلة والباردة، كان الطريق إليها مليئا بالمناظر والمشاهد ذات الطبيعة الخلابة والمراعي.
توقفنا عند امرأة مسنة وقد أخذت مكانها المخصص على الطريق تقوم بإعداد الخبز التنوري اللذيذ وهي كحال غيرها من سكان القرى الذين يقومون بعرض منتجاتهم الطبيعية من الخبز واللبن والحليب والمكسرات والفواكه المجففة، توجهنا إلى مدينة لاحج وهي مدينة هادئة جدا وباردة تبعد عن قبالا نحو الساعة تقريبا، كنا على موعد مع أحد سكان الحي الذي كان في استقبالنا عند مدخل القرية أخذنا في جولة سريعة على القرية قبل موعد الغداء في منزله.
لم تنته الرحلة بعد خروجنا من القرية توجهنا إلى قبالا حيث المنتجعات والمنتزهات والشلالات السياحية على قمم الجبال والتزلج والقطار الكهربائي.
ويعود تاريخ قبالا إلى أكثر من 2000 عام حين كانت عاصمة للدولة القديمة التي ترامت أطرافها على هذه الأراضي خلال العصور الغابرة، ويصل عدد سكانها حتى عام 2011 إلى 12ألفا و808 نسمة.
قوبوستان
وتزخر المنطقة شبه الصحراوية في وسط أذربيجان بمجموعة رائعة من الصخور التي تضم أكثر من 40,000 على نقش صخري لتشهد مجتمعة 6000 من الفن الصخري. وبالإضافة إلى أن الموقع يحظى بتصنيف منظمة اليونسكو للمواقع الأثرية، فهنا يمكننا أيضا نسبها إلى أحد النقوش الأكثر شهرة في الشرق والذي ينسب إلى أحد الفيالق الرومانية، وهي تؤرخ أبعد مسافة سفر إلى الشرق حتى الآن.
لدى أذربيجان ثلاثة مواقع في التراث العالمي لليونسكو، ومنها حديقة غوبوستان الوطنية. تضم منطقة ما قبل التاريخ نقوشاً صخرية تعود إلى 6000 عام، كدليل على أن الإنسان عاش هناك منذ أكثر من 25000 عام.
كما يوجد في أذربيجان حوالى نصف البراكين الطينية المكتشفة في العالم، والتي يبلغ عددها نحو400 بركان، ويمكن الوصول للعديد منها عبر غوبوستان.
أُدرج موقع شيكي خان في يوليو عام 2019 كثالث موقع لأذربيجان على لائحة اليونيسكو. ويتميّز المركز التاريخي لشيكي وقصر شيكي خان بالتاريخ والتراث والثقافة المميزة. وسيستلهم المسافرون من تاريخ المدينة، وسيذهلون بها كوجهة مهمة على طريق الحرير العظيم، بينما يطّلعون على الحرف الساحرة في القصر.
الفعاليات الثقافية
تعتبر أذربيجان الوجهة المثالية للاجتماعات وممارسة الأعمال، حيث استضافت العديد من الفعاليات البارزة عام 2019 والتي ضمت مسؤولين حكوميين من أكثر من 70 دولة.
وعرضت أذربيجان في يونيو خبراتها في مجال الفعاليات التجارية في المجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية، حيث رحّبت بوزراء السياحة والفنون والثقافة والمندوبين من جميع أنحاء العالم. كما اختارت عدة جهات لتنظيم المؤتمرات عام 2019 أذربيجان كوجهة مفضلة لأحداثها، بما في ذلك المؤتمر العالمي للجمعية الدولية لتعليم الموسيقى والمؤتمر الأوروبي – الآسيوي.
وتستعد أذربيجان في العام 2020 لاستضافة القمة العالمية للشبكة في نهاية العام، حيث سيجتمع المؤسسون والمديرون التنفيذيون بهدف رسم ملامح ومناقشة مستقبل التكنولوجيا. كما تتميز البلد بالريادة في تسليط الضوء على دور المرأة في المجتمع، وهي في طور التحضير لاستضافة WomENcourage 2020، وهي منصة تحتفل بالمرأة في مجال الحوسبة، وتهدف إلى ربطها بالتخصصات الفنية المتنوعة، وإلى تشجيعها على متابعة تعليمها وعملها في مجال الحوسبة.
فازت أذربيجان مؤخراً بحق استضافة المؤتمر الدولي الثالث والسبعين للملاحة الفضائية في عام 2022، ممّا عزّز موقعها كوجهة مميزة وتنافسية في قطاع الفعاليات التجارية، وجاء القرار بعد التصويت خلال الجمعية العامة للاتحاد الدولي للملاحة الفضائية في واشنطن في 25 أكتوبر 2019.
ليلى محمودوفا: جولات تعريفية على مناطق المملكة
ارتفع عدد السياح السعوديين الزائرين لأذربيجان العام الماضي 2019 إلى 107 آلاف زائر، بنسبة ارتفاع بلغت 46.7%، بالمقارنة مع قرابة 73 ألف زائر في العام 2018، وذلك وفق ما أعلنته المدير الأقليمي للشرق الأوسط، بالمجلس السياحي بأذربيجان ليلى محمودوفا، لـ«عكاظ»، مبينة أن ذلك جاء نتيجة التسهيلات التي قدمتها أذربيجان للسعوديين، ومنها التأشيرة عند الوصول، وتوفير دليل سياحي يتحدث العربية، وتوظيف متحدثين بالعربية في الفنادق ومراكز التسوق وتوفير الكثير من الإرشادات واللافتات السياحية باللغة العربية.
وذكرت محمودوفا أن مجلس السياحة يعتزم تنظيم جولات تعريفية على أبرز مناطق المملكة نهاية الصيف، كما سيشارك المجلس في معرض السفر الذي سيقام في السعودية.
معلومات عن أذربيجان:
تقع جنوب القوقاز في أوراسيا.
اللغة الرسمية هي الأذربيجانية.
عدد السكان 10,013,133 نسمة
مانات هي عملة أذربيجان
95 دولة مستفيدة من التأشيرة الإلكترونية
23 دولارا رسوم التأشيرات
الوصول إلى أذربيجان جواً من أكثر من 70 دولة