عكس كافة التوقعات، تحركت الدول الأفريقية مرة أخرى وانتفضت شعوبها، بينما وجدت أميركا نفسها مضطرة للغوص فيما يبدو أنه مستنقع أفريقي شديد التعقيد يقع تحت سيطرة الأوروبيين التاريخية جغرافيا.
وفي هذا السياق، تابع برنامج “من واشنطن” بتاريخ 31/8/2023 النظرة الأميركية للانقلابات في الدول الأفريقية، حيث وجدت واشنطن نفسها مضطرة للتدخل او على الأقل التعامل الإستراتيجي مع هذه المعطيات الجديدة سريعة التقلب.
وفي تحليل للانقلابات في الدول الأفريقية، قال السفير تيبور ناجي مساعد وزير الخارجية الأميركي سابقا للشؤون الافريقية إن أفريقيا تمر بلحظة تاريخية أطلق عليها اسم تسونامي الشباب، مشددا على أن الجيل الجديد في هذه القارة سئم ولم يعد قادرا على تحمل النظام القديم بل يطمح لفتح فرص جديدة.
كما اعتبر ناجي -في تصريحاته للبرنامج- أن القوات المسلحة أحيانا تكون أكثر القوى ديمقراطية خاصة في ظل غياب انتخابات حقيقية تعبر عن رغبة الشعب الحقيقية.
وأشار إلى أن أفريقيا لم تكن ضمن أولويات أميركا سابقا، ولكن الوضع الآن تغير وأصبح هناك إدراك تام بقيمة المعادن النفيسة التي يحتاجها العالم، والتي توجد بوفرة في دول القارة، مشيرا إلى أنه أصبح هناك تنافس بين دول عالمية مختلفة جعل المنطقة الأفريقية تكتسب أهمية كبرى الفترة الحالية.
غضب شعبي
من جهته، فسر الصحفي الاستقصائي فلافيوس مهينس ما يجري في العديد من الدول الأفريقية بأنه بسبب ظهور حركة شعبية في هذه الدول تسعى لفرض حوكمة أكثر عدلا وتوزيع أفضل لثروات البلاد بين فئات الشعب كافة، مشيرا إلى أن الجيش يمثل حالة الغضب الشعبي وانتفاضته ضد حكومات فاسدة، ومع ذلك استدرك قائلا “لكن حتى الآن لا يمكن اعتباره ضمن القوى المدنية الحاملة لمشاريع اقتصادية وتنموية للبلاد”.
أما ضيف البرنامج بكري الجاك المدني، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة لونغ آيلاند، فتحدث عن أسباب ما أسماه الصحوة الأفريقية، وأرجعها إلى مجموعة من العوامل من ضمنها التحولات الديموغرافية، حيث أدركت فئة الشباب فرص الحياة الأفضل في مناطق أخرى.
كما أشار إلى الدور الذي لعبته شبكات التواصل التي فتحت أعين الشباب في أفريقيا على واقعهم المعيش، كما أشار إلى فشل مشروع الدور الوطني في تلبية الحاجات التنموية في أفريقيا، ولكن رغم كل هذه العوامل اعتبر أنه لا يمكن الاستعجال في الحكم وتصنيف هذه الانقلابات ضمن خانة المشروعات التحررية.
حذر أميركي
أما بخصوص تعامل واشنطن مع الانقلابات في أفريقيا، فيبدو أن إدارة الرئيس جو بايدن تفضل التعامل بحذر بدلا من سياسة التنديد وتوجيه الاتهامات، ويتضح ذلك من خلال تصريحات منسق الاتصالات بمجلس الأمن القومي جون كيربي الذي أكد أنهم يتابعون ما يجري في القارة بقلق كبير.
ورغم أن كيربي شدد على دعم حقوق الشعوب الأفريقية ومصالحهم، فإنه قال إن تصرفات بعض القادة العسكريين الأفارقة لا تؤثر على الجهد الأميركي المبذول إزاء هذه القارة.
كما ظهرت السياسة الأميركية الهادئة والمتروية تجاه ما تشهده أفريقيا من خلال تصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، التي سعت لطمأنة الأفارقة بأن الرئيس بايدن ملتزم بالديمقراطية ولديه بعض الخطط لزيارة القارة في وقت ما في المستقبل.
وفي نفس السياق، جاء موقف وزارة الدفاع الأميركية “بنتاغون” حيث أكد أحد المسؤولين للجزيرة التزام الولايات المتحدة بدعم شعوب المنطقة ومطالبها بالديمقراطية وحكم القانون والنظام الدستوري.