بقلم: يورونيوز
نشرت في
أفرجت السلطات السورية، الإثنين، عن الصحافي إياد شربجي بعد توقيف دام نحو 24 ساعة على خلفية دعوى قضائية اتّهمته بـ”إثارة النعرات الطائفية والعرقية”، في قضية أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية وسط تحذيرات من تراجع حرية التعبير في البلاد.
وخرج شربجي من القصر العدلي في دمشق معلناً عبر مقطع مصور قصير نشره على صفحته في فيسبوك أنّه “أمضى نحو أربع إلى خمس ساعات في القصر العدلي، نقاشات وأخذ ورد، وانتهت القصة”.
وأضاف لاحقاً: “سأتحدث بالتفصيل لاحقاً، لكن توضيح صغير لمن تعامل مع القصة بكيدية: المحامي العام أصدر أمر ترك، بمعنى طي الادعاء باعتباره باطلاً ولا أساس له”. منوهاً إلى أن “قوانين بشار الأسد ما تزال تحكم سوريا من موسكو”.
ولفت إلى أن توقيفه لـ24 ساعة كان سيُمدّد ليوم آخر لولا مواجهته للمحامي العام بالحجة والأدلة لأكثر من ساعة، مشيراً إلى أنه سيتناول لاحقاً الجوانب القانونية المتعلقة بتوقيفه.
خلفية الاتهامات: تعليقات عن “جيل إدلب” تُفسّر خارج سياقها
ويعود أصل القضية إلى تعليقات سبق لشربجي أن نشرها قبل أشهر عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحدّث فيها عن “جيل الألفية” الذي نشأ في محافظة إدلب خلال سنوات الحرب، ووصفه بأنه “نشَأ في بيئة طائفية سنية، يشاهد كل من حوله أعداء”، مضيفاً أن “هؤلاء مأزومون وبحاجة لعلاج”.
وقوبلت هذه التصريحات بانتقادات من بعض المتابعين الذين اعتبروها إساءة لأهالي إدلب، التي كانت معقلاً رئيسياً لفصائل عسكرية ساهمت في إسقاط نظام بشار الأسد السابق. لكن شربجي أوضح لاحقاً أنّ كلامه قد فُهم خارج سياقه، مؤكداً أنّه لم يقصد الإساءة لأبناء المحافظة، بل سلّط الضوء على التحديات النفسية والاجتماعية التي واجهها جيل نشأ في ظروف استثنائية.
دعوى قضائية تستند إلى قانون الجرائم المعلوماتية
ورفع المحامي رشيد عبد الجليل دعوى قضائية ضد شربجي تتهمه بـ”القدح والذم والتحقير العلني وإثارة النعرات الطائفية”، وطلبت النيابة العامة في دمشق تحريك الدعوى العامة، ما دفع إدارة الأمن الجنائي إلى استدعاء شربجي الأحد 14 ديسمبر، حيث خضع للتحقيق.
وكان شربجي قد أعلن قبل توقيفه أنه تبلّغ لدى وصوله مطار دمشق بوجود ادعاء ضده استناداً إلى قانون الجرائم المعلوماتية، وذلك عشية الاحتفالات بإطاحة النظام السابق. وسبق أن نشر توضيحاً رداً على تهديدات تلقاها، أكد فيه أنه لم يرتكب أي مخالفة قانونية أو أخلاقية، وأن تصريحاته جرى اقتطاعها من سياقها.
انتقادات من صحفيين وحقوقيين
أثار توقيف شربجي، الصحافي السوري الأميركي المقيم في الولايات المتحدة والموظف في مكتب قناة الجزيرة القطرية بواشنطن، موجة انتقادات من صحافيين وحقوقيين.
واعتبرت رابطة الصحافيين السوريين أن التوقيف جاء “إثر تصريحات أدلى بها حول إدلب”، وطالبت بـ”ضرورة صون حرية التعبير وحماية الصحافيين من الملاحقات المرتبطة بآرائهم المهنية”.
ووصف المحامي والناشط الحقوقي ميشال شماس الاحتجاز بأنه “توقيف فعلي”، حتى لو لم يدم أكثر من يوم. وكتب الصحافي حازم داكل أن “الاتهامات الفضفاضة من نوع (تهديد السلم الأهلي وإثارة النعرات( تُستخدم هنا كأدوات تخويف، لا كمعايير قانونية واضحة”.
ويُعرف شربجي، المتحدّر من داريا قرب دمشق، بمواقفه النقدية للسلطات الجديدة تحت قيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع منذ وصولها إلى الحكم، حيث يبث مقاطع فيديو يعبّر فيها بجرأة عن رؤيته لمستقبل سوريا، ويدعو إلى دولة تمثّل جميع مكوّناتها.
وخلال زيارته الحالية لدمشق، ظهر ضيفاً على برنامج حواري عبر التلفزيون الرسمي، وقال إنه عمل فيه قبل عقدين. كما علّق على العرض العسكري الذي أقامته السلطات في 8 ديسمبر، معبّراً عن أسفه لغياب شعارات الثورة وازدياد الخطاب الديني، وقال: “لم أشعر حقيقة أنه جيش بلدي”.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات السورية حول الواقعة، فيما لا يزال قانون الجرائم المعلوماتية سارياً في سوريا، ويشير مراقبون إلى استخدامها في قضايا تمتد من التعبير الرقمي إلى النقد السياسي، في ظل بيئة إعلامية لا تزال تحمل إرثاً ثقيلاً من القيود الأمنية.












