بقلم: يورونيوز
نشرت في
يؤكد قادة أوروبيون أن دعمهم لأوكرانيا لا يقتصر على الدفاع عن “دولة أو حماية القانون الدولي”، بل ينبع أيضًا من اعتبارات تتعلق بأمن أوروبا واستقرارها المستقبلي، فهم يعتقدون أن أي اتفاق سلام يرضي موسكو قد يؤدي إلى حرب أوسع تشمل القارة بأكملها.
وبحسب “وول ستريت جورنال” ووفقًا لمسؤولين أوروبيين، قد تخرج روسيا من أي مفاوضات سلام أقوى عسكريًا، وقادرة على إعادة رسم الحدود بالقوة، مع شعورها بضعف حلف الناتو. ومن ثم، تخشى العواصم الأوروبية المستنزفة ماليًا أن تضطر إلى رفع الإنفاق العسكري بشكل كبير لتعزيز قدراتها الدفاعية، وهو ما قد يشكل عبئًا ماليًا ضخمًا على الدول الأوروبية.
في المقابل، تسعى إدارة ترامب إلى تسوية سريعة للحرب، معتبرة أن ذلك يعزز “الاستقرار الاستراتيجي” مع روسيا ويفتح فرصًا اقتصادية محتملة معها.
المواقف الغربية في محادثات السلام
اتهمت روسيا الأوروبيين والولايات المتحدة، تحت إدارة بايدن، بشن حرب بالوكالة ضدها من خلال دعم أوكرانيا. وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا من أنه إذا سعت أوروبا إلى الحرب، فروسيا مستعدة لذلك. وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن استراتيجية حلفاء كييف تقوم على “القتال حتى آخر أوكراني” بدلًا من الوصول بسرعة إلى تسوية.
وقد أظهر الاختلاف بين المواقف الأوروبية والأمريكية توترًا واضحًا خلال محادثات السلام الأخيرة بقيادة واشنطن. حيث حذر القادة الأوروبيون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من تقديم تنازلات كبيرة قبل ضمان تفاصيل دعم أمريكي في حال انتهكت روسيا أي اتفاق.
وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس: “مستقبل أوكرانيا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمننا..إذا لم نتمكن من تحقيق سلام دائم وعادل لأوكرانيا، فلن يكون لدينا أي ضمان لأمننا أيضًا”، من جهته قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “نريد السلام، لكن ليس سلامًا يكون في الواقع استسلامًا”، محذرًا من أي صفقة تمنح روسيا حرية التوسع وتهدد أمن أوروبا.
وأظهرت دراسة شملت 500 خبير أمني أوروبي أن “وقف إطلاق النار المفضل لروسيا في حربها ضد أوكرانيا” يُعد أحد أبرز المخاطر على الاتحاد الأوروبي خلال العام المقبل، إلى جانب الحرب الهجينة أو الهجمات الرمادية التي تقول تقارير إن روسيا تمارسها بالفعل ضد القارة.
وأوضح الأمين العام للناتو مارك روته السيناريو المحتمل، قائلاً: “تخيلوا لو تحقق لبوتين مراده، أوكرانيا تحت الاحتلال الروسي، قواته تضغط على حدود أطول مع الناتو، وزيادة كبيرة في خطر الهجوم المسلح علينا”.
وأضاف أن الناتو سيحتاج لتعزيز وجوده على الحدود الروسية وتكثيف الإنفاق العسكري، وهو ما سيكون “مكلفًا ماليًا للغاية”، مؤكدًا: “أمن أوكرانيا هو أمننا”.
محادثات السلام والتمويل الأوروبي
بدأت ملامح اتفاق سلام يراعي المخاوف الأوروبية والأوكرانية تظهر بعد محادثات في برلين شملت لقاءات ثنائية بين زيلينسكي وكبار المبعوثين الأمريكيين لروسيا.
وقدمت الولايات المتحدة التزامًا أقوى لضمان الأمن الأوروبي لأوكرانيا، وتعهد ترامب بالسعي للحصول على دعم مجلس الشيوخ الأمريكي. لكن مسألة السيطرة على الأراضي ما تزال العقبة الكبرى أمام قبول أوكرانيا بالمقترح الأمريكي.
ولأشهر، حاول الأوروبيون دفع واشنطن بعيدًا عن المقترحات التي يرون أنها تمنح روسيا الأفضلية، ورفضوا دعوة البيت الأبيض لسحب القوات الأوكرانية من منطقة محصنة في دونباس، خشية أن تسهّل التنازلات غزوًا روسيًا مستقبليًا.
وسيواجه الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع اختبارًا في مدى استعداده لتحمل تكاليف استمرار أوكرانيا في القتال، بعد أن جمد الأصول الروسية المحتجزة داخل حدوده لمنع عودتها إلى موسكو إلا إذا وافقت على دفع تعويضات لأوكرانيا، بينما ترغب إدارة ترامب في استخدامها في مشاريع اقتصادية روسية أمريكية.
ومن المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد يوم الخميس في بروكسل لتقرير استخدام هذه الأصول لتمويل قرض بقيمة 105 مليارات دولار لأوكرانيا لتغطية ثلثي ميزانيتها واحتياجاتها العسكرية للعامين المقبلين. وبدون القرض، قد تنفد أموال كييف بحلول الربيع، مما يضعف موقفها في أي محادثات سلام مستقبلية.
وقالت جانا كوبزوفا، زميلة سياسة أولى في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “إذا سكتت الأسلحة، ستكون هذه الأموال حاسمة لإعادة بناء الاقتصاد المدمر بسبب الحرب ومعالجة التحديات بعد الصراع.. وإذا رفض بوتين الصفقة واستمر في غزوه، ستساعد هذه الأموال في دعم الدفاع عن النفس لأوكرانيا.”
وأضافت: “بغض النظر عن نتائج محادثات السلام، فإن نشر هذه الأصول المجمدة هو استثمار في أمن أوكرانيا وأمن أوروبا نفسه.”











