بينما يرث البعض عيون آبائهم أو صحة أمهاتهم، هناك من يرث أشياء غير مألوفة، مثل العمالة لصالح أطراف أخرى. هذا ما حدث في زاباروجيا، المدينة الأوكرانية ذات الأهمية الاستراتيجية للطرفين في الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير/شباط 2022.

اعلان

ومن بين قصص الحرب الروسية الأوكرانية، برزت قضية أوليه كوليسنيكوف، المواطن الأوكراني الذي يحمل إرثًا عائليًا معقدًا. كان والده عميلًا للمخابرات السوفييتية خلال الحرب الباردة في كوبا، حيث تنكر على هيئة مترجم، كما أن أحد أبناء عمه يعمل في جهاز الأمن الروسي.

هذه الخلفية جعلت كوليسنيكوف مرشحًا محتملًا للتجسس لصالح الروس في الحرب الدائرة.

وصرح كوليسنيكوف لوكالة “رويترز”، بأنه وافق على تزويد الروس بمعلومات حساسة حول المواقع العسكرية وتحركات القوات في مدينة زاباروجيا، إلى جانب الإبلاغ عن مواقع سقوط الصواريخ.

ورغم ذلك، أكد أنه لم يقدم هذه المعلومات بدافع المال، وأعرب عن ندمه، خاصة بعد أن تسببت أخطاء في بعض الضربات الصاروخية في مقتل مدنيين، إلى جانب الدمار الكبير الذي حل بوطنه بسبب حرب طالت لما يقارب الثلاث سنوات بدلًا من أن تكون سريعة.

وعواقب أفعاله كانت قاسية. فقد تركته زوجته بعد اعتقاله، وأخذت معها طفلهما البالغ من العمر 11 عامًا، فيما أصدرت المحكمة حكمًا بالسجن مدى الحياة عليه بتهمة الخيانة.

وأكد فاسيل ماليوك، رئيس جهاز الأمن الأوكراني، أن مكافحة التجسس الروسي تُعدّ جزءًا أساسيًا من جهود أوكرانيا لتحقيق النصر. وقال إن الكرملين يعمل منذ عقود على تجنيد العملاء سرًا داخل أوكرانيا، في محاولة للتسلل إلى البنية الداخلية للبلاد. ولم تعلق الخارجية الروسية على هذه الادعاءات.

وتسلط قضية كوليسنيكوف الضوء على مفهوم “العالم الروسي”، وهو مبدأ يروج له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويستند إلى الروابط التاريخية والثقافية التي يزعم أنها تجمع روسيا بالدول المجاورة. هذه الفكرة تُستخدم أحيانًا لتبرير السياسات الروسية في المنطقة.

ووفقًا لجهاز الأمن الأوكراني، فإن قضية كوليسنيكوف هي واحدة من أكثر من 3,200 قضية خيانة للدولة تم رفعها منذ اندلاع الحرب. تشمل هذه القضايا تقديم معلومات لموسكو حول ضربات الصواريخ ونشر الدعاية الروسية.

يجدر الإشارة إلى أن الأجيال الأكبر سنًا في أوكرانيا نشأت تحت مظلة الاتحاد السوفييتي قبل تفككه في عام 1991 ونهاية الحرب الباردة. هذا الإرث التاريخي يظل حاضرًا بقوة في تعقيدات العلاقات الروسية الأوكرانية، ويضيف بُعدًا آخر لفهم دوافع الخيانة ومآلاتها في ظل الحرب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version