هذا التطور الذي لحق بالجبهة اليمينية، التي انطلقت عام 2013، بدأ في 2018 أي بعد سنة من المظاهرات التي طالبت باستقلال إقليم كتالونيا.

بقيت إسبانيا لفترة طويلة من الزمن، من الدول الأوروبية القليلة التي لا يُسمع فيها أصوات اليمين المتطرف. ولكن انتخابات عام 2019، غيّرت هذا الواقع، بعد أن فاز حزب فوكس اليميني المتطرف بـ52 مقعدًا من أصل 350 في مجلس النواب.

اعلان

ومع ترجيح استطلاعات الرأي بأن ينال فوكس مقاعد إضافية في البرلمان، قد تنجح الجبهة بالوصول إلى الحكومة لتتشارك مع الحزب الشعبي في مجلس الوزراء، في مقابل تراجع شعبية الأحزاب الاشتراكية.

وتقول المحللة السياسية فيرونيكا فومانال: “لقد نجح حزب فوكس اليميني، في أن يصبح حالة شعبية بعدما كان مهمشًا في الفترة السابقة”.

أسباب صعود حزب فوكس

هذا التطور الذي لحق بالجبهة اليمينية، التي انطلقت عام 2013، بدأ في 2018 أي بعد سنة من المظاهرات التي طالبت باستقلال إقليم كتالونيا.

وتشير فومانال إلى أن “مظاهرات كتالونيا شكّلت صدمة عاطفية قوية جدًا في جميع أنحاء إسبانيا، ورفعت الروح القومية في البلاد، فركب تحالف فوكس على ظهر تلك الموجة”.

ويُضاف إلى ذلك فضائح فساد الحزب الشعبي، والتي أسقطت حكومة ماريانو راخوي عام 2018، وما تبعه من وصول الحزب الاشتراكي إلى السلطة بدعم من اليسار المتطرف والأحزاب الانفصالية، وما تبعه ذلك من أزمات اقتصادية.

ويقول المؤرخ ومؤلف كتاب “أقصى اليمين”، ستيفن فورتي: “من الواضح أن فوكس استفاد من هذا الوضع، خصوصًا بعد سقوط أعدائه وأفكارهم التي يعتبرها معادية لإسبانيا”.

ومن بين هذه الأفكار التي يعتبرها فوكس عدائية: استقلال القوميات، حقوق الأقليات والنسوية، وهي شعارات دائمًا ما يهاجمها المسؤولون في هذا الحزب.

وتذهب المحللة السياسية فومانال أبعد من ذلك، وتشير إلى أن “التطورات التكنولوجية أدت أيضًا إلى التفاف البعض حول اليمين المتطرف، بسبب الحنين إلى الماضي من جهة إضافة إلى الخوف من المجهول في ظل التطورات الحاصلة”.

من هنا، اعتمد حزب فوكس على “الشعبوية” وفق فومانال، وهي سياسة “ليس لها قيود أخلاقية”.

وبالنسبة للمؤرخ فورتي، كانت نقطة التحول في موقف حزب الشعب هو وجوده، جنبًا إلى جنب مع حزب سياسي آخر، سيودادانوس، وفوكس في مظاهرة مشتركة في بلازا كولون بمدريد ضد حكومة رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز.

هذا التحالف، رسخه رئيس حزب الشعب نونيز فيغو بتحالفه مع فوكس في 135 مجلسًا محليًا في جميع أنحاء البلاد، ما قد يعطي نقاطًا إضافية للحزب اليميني.

اعلان

إن اعتبار اليمين المتطرف وأيديولوجيته كشيء “مقبول ديمقراطيًا”، كما تقول فومانال التي تعتبر أن “حزب الشعب وفوكس يعتمدان على تحالفهما للوصول إلى السلطة بوجه الاشتراكيين”.

موجة التطرف الأوروبية

إسبانيا هي واحدة من أحدث الدول التي انضمت إلى هذا التحرك اليميني في أوروبا، في “استجابة طبيعية للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في هذه البلدان”، وفقًا لفورتي.

ويضيف: انهارت “جدران الحماية” ضد الخطابات المتطرفة في العقود الأخيرة وساعد الاستياء من الديمقراطية في ترسيخ هذا الخطاب.

وبالنظر إلى الانتخابات الأوروبية في حزيران/ يونيو 2024، يخشى الاتحاد الأوروبي من التأثير الذي يمكن أن تحدثه حكومة ائتلافية للحزب الشعبي مع فوكس في إسبانيا.

وبالإضافة إلى تعزيز موجة المحافظين المتطرفة التي شهدتها أوروبا منذ الانتخابات في إيطاليا والسويد وفنلندا واليونان، يقول فورتي إن هذا سيفتح الباب أمام “إمكانية تحالف مستقبلي بعد الانتخابات الأوروبية المقبلة بين حزب الشعب الأوروبي والمحافظين والإصلاحيين الأوروبيون “.

اعلان

لكن إلى أي مدى يمكن لهذه الموجة المتطرفة أن تستمر في النمو؟ تعتقد فومانال أنه عندما تصل هذه الأحزاب إلى السلطة، فإنها لا تركز على القضايا التي تمس المواطنين.

وتضيف: “إنها حرب هوية وليست أيديولوجية. لذلك، عندما يحكمون، لا يُعاد انتخابهم. لم يُعاد انتخاب دونالد ترامب، وكذلك بولسونارو، وقد يحصل ذلك في أوروبا أيضًا”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version