اعتبرت الحكومات في العديد من الدول صناعة طاقة الرياح أحد الممكنات الرئيسية لتحقيق المستهدفات المناخية لكنها اليوم فيما يبدو تعيش أولى أزماتها.

وتشهد طاقة الرياح مؤخرا ارتفاعا كبيرا في تكاليفها من توربينات مرورا بأجور العمال ووصولا إلى تكاليف التمويل، ما أدى في الأشهر الأخيرة إلى انسحاب بعض المطورين من المشاريع أو التخارج من عقود بيع الكهرباء أو تأجيل القرارات الاستثمارية النهائية.

وجاءت الارتفاعات في التكاليف قوية لدرجة باتت تهدد بنسف فرضية ثابتة بأن كلفة التقنيات النظيفة تنخفض مع الزمن، وأكثر المشاريع المهددة حاليا هي طاقة الرياح البحرية بسبب ارتفاع تكلفتها الأولية أصلا. حيث وصل ارتفاع تكاليف هذا النوع من المشاريع بحسب بعض التقديرات إلى 40% هذا العام فقط.

ولم يكن الحال هكذا في السابق بل اتسم قطاع طاقة الرياح البحرية فى العقد الماضي بانخفاض التكاليف في ضوء نضوج التقنيات المرتبطة به وبسبب نسب الفائدة المتدنية، ما أدى إلى انخفاض التكاليف بنحو 60% ما بين عامي 2010 و2021 بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “أيرينا”، وزاد قدرات طاقة الرياح البحرية المركبة عالميا من 5 غيغا واط عام 2012 إلى 64 غيغا واط حاليا.

وما زالت قدرات إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح تمثل نحو 0.8% من إجمالي قدرات الكهرباء عالميا، ما يجعلها بعيدة عن مستويات الطاقة التي سيحتاجها العالم لتحقيق صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050 والبالغة 2000 غيغا واط.

ومع تضخم التكاليف في طاقة الرياح البحرية أصبح العديد من المشاريع الحالية غير مجدٍ اقتصاديا. ما يبطئ من سرعة انتشار هذه الطاقة المتجددة ويهدد المستهدفات المناخية للدول بالتالي تتعالى مطالبات صناع طاقة الرياح للحكومات بالتدخل لإعادة التوازن إلى هذه السوق.

إلا أن الخبراء يرون بأن إعادة بناء الجدوى الاقتصادية لتلك لمشاريع طاقة الرياح قد يكون أمرا معقدا بسبب اعتماد ذلك على عوامل متعددة، من بينها: حجم الدعم الحكومي المالي المباشر إلى جانب كلفة عقود تأجير قيعان البحار وقيمة عقود شراء الكهرباء طويلة الأجل مع الشركات.

وأصبحت الضغوط التضخمية تتجاوز مطوري المشاريع لتشمل مصنعي التوربينات أيضا. حيث يعاني هؤلاء من هوامش ربح صغيرة غير قادرة على امتصاص هذه التكاليف المتزايدة. وسجلت شركة مثل سيمنز إنيرجي – Siemens Energy مجددا خسائر فصلية وصلت إلى 2.2 مليار يورو نابعة من وحدتها لتصنيع توربينات الرياح.

وضاق الحصار على مشاريع طاقة الرياح البحرية من التضخم واختناقات سلاسل الإمداد وارتفاع الفائدة والتأخر في إصدار التصاريح الرقابية إلى جانب التأخر في تشييد الربط الكهربائي اللازم للمشاريع البحرية مع الشبكات على اليابسة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version