عمان- مع ضغوط العمل، ومتابعة مدارس أطفالنا، ورعاية الآخرين، والمسؤوليات التي تتراكم، قد تصبح الحياة مليئة بالتوتر، ويمكن أن يصبح ذلك الشعور حالة طبيعية للكثيرين. ولكن هل يمكن فعلا أن تصبح مدمنا على التوتر؟

ويعرف “إدمان التوتر” بأنه نمط متكرر للتصرف بطرق تزيد من التوتر، رغم أنك تدرك العواقب المحتملة لذلك، وتريد التوقف عن “التصرف بتوتر”.

و”إدمان التوتر ليس تشخيصا سريريا؛ ولكن قد تصبح مدمنا على التوتر أو المواقف العصبية”، وفق ما نقل موقع “سايك سنترال” عن الدكتور مايكل ج. ماكغراث؛ وهو طبيب نفسي حاصل على شهادة البورد في الإدمان، والمدير الطبي لمركز علاج الإدمان في أوهانا بجزيرة هاواي.

سمات الشخصية القلقة

وأوضح المستشار النفسي الأسري الدكتور أحمد سريوي للجزيرة نت، أنه عند الحديث عن التوتر لا يمكن إغفال “الشخصية القلقة”، وهي إحدى اضطرابات الشخصية وفق تصنيف الدليل التشخيصي الإحصائي، ولهذه الشخصية عدد من السمات تساعد على التشخيص بالإصابة، وهي:

  1. تتسم بالقلق والتوتر وتكبير الأمور التافهة.
  2. التدقيق على التفاصيل.
  3. القلق من لا شيء.
  4. السعي نحو الكمال والمثالية.
  5. الميل للتنظيم والترتيب.
  6. الاحتفاظ بالكراكيب عديمة القيمة والفائدة.
  7. الحرص عند استعمال الأموال.
  8. التفكير الزائد.

و”الشخصية القلقة” مكتسبة وليست وراثية، أي من البيئة المحيطة، وغالبا من الأم وأفراد العائلة الأكبر سنّا، وهذه الشخصية مدمنة على التوتر، وتسعى دوما له، حتى وإن لم يكن هناك ما يبعث على التوتر لديها.

الشخصية مدمنة التوتر

ويشرح المستشار سريوي عن الشخصية مدمنة التوتر بأنها “تفكر بشكل زائد بكل شيء، وهذا يجعلها أيضا في حالة من عدم الراحة، وحينما تعمل فإنها لا تلتفت للراحة أبدا، وقد تتحول هذه الشخصية لاضطراب في أية لحظة، وهي الحالة التي تصبح بها سمات هذه الشخصية تعيق الفرد عن حياته المهنية أو الاجتماعية أو الزوجية أو الدراسية”.

ولعلاج هذه الشخصية، ينصح سريوي، “أول ما يجب على الفرد فعله هو الاستبصار بهذه الشخصية وسماتها وتأثيرها على حياته، فإن لم يلاحظ ذلك فتلك وظيفة من حوله من العائلة والأصدقاء أن يوضحوا له أنه يعاني من قلق وتوتر زائدين وأن لديه سمات شخصية قلقة، ثم السعي لطلب الاستشارة النفسية من المختص النفسي للعلاج”.

ويذهب إلى أن العلاج يكون عبر جلسات علاج نفسي غير دوائي من خلال جلسات العلاج السلوكي المعرفي، ولكن في بعض الحالات المتقدمة قد يضطر الطبيب لوصف علاج يخفف من الأعراض حتى تكون استجابة المريض للجلسات أفضل وتقدمه العلاجي أسرع.

2-استشاري أسري ونفسي الدكتور أحمد سريوي- (الجزيرة)

 

التنشئة في بيئة متوترة

ويقول المتخصص في الطب النفسي الدكتور موسى مطارنة، إن التوتر مشكلة ناتجة عن نقص في مهارات التكيف والمرونة، وتتفاقم الحالة النفسية جراء ضغوطات حياتية أو احباطات مستمرة، وعليه تتشكل حالة من القلق والتوتر متطورة، نتيجة لعدم علاجها.

ويصف مطارنة الحالة النفسية للفرد الذي لديه توتر مفرط بالقول “تزداد لديه الطاقة السلبية شيئا فشيئا، نتيجة وجوده في بيئة مضطربة أو أجواء غير صحية أو تعرضه لموقف ما، ولضعف قدرته وهشاشته النفسية تصبح لديه ردود فعل عصبية وتوتر، وحالة من عدم القدرة على ضبط الذات”.

وبالعودة إلى تنشئة الشاب أو الفتاة ممن يعانون من حالة توتر مستمر، يوضح مطارنة، أن الأمر قد يعود إلى الترعرع في بيئة متوترة شكلها الأب أو الأم أو كلاهما، يسود بها أجواء مشحونة بالعصبية وردود الفعل القوية، فيصبح لديه أو لديها ضعف في مهارات القدرة على التعامل مع المواقف، فيلجأ للقلق والتوتر بدل التفكير في حل المشكلة”.

القلق والتوتر الدائمين

ويتطرق مطارنة إلى أهمية معالجة الأشخاص المصابين بشدة التوتر، موضحا “في مجتمعاتنا العربية هناك حالة من القلق والتوتر الدائمين، جراء المعتقدات والأفكار السائدة، وهذا جزء مهم من تركيبة الفرد المرتبطة بالتنشئة”.

ويضيف، “الفرد يحمل مفاهيم وأفكار ومعتقدات عديدة، وتتراكم لدى البعض ضغوط على النفس لا يمكن استيعابها أو التحرر منها، وأيضا لا يستطيع فتح روابط جديدة بحياته، وعليه يصبح لديه حالة من القلق والتوتر الدائمين”.

ويشير إلى أن هناك مشكلة في مجتمعنا تتمثل بعدم الإفصاح عن القلق أو التوتر، إذ يعتبره العديد ضعفا أو “فضيحة” ضمن المعتقدات الاجتماعية، وهذا يفاقم لديه حالة التوتر جراء ما يشاهده، أو ما يحدث أمامه بالمجتمع.

وينصح مطارنة الشخص الذي لديه توتر عالي بضرورة التوجه لمختص سلوكي أو استشاري سلوكي، حتى يساعده في التخلص من هذه الحالة، وتحفيزه للنظر إلى الجوانب الإيجابية بحياته، والنوافذ التي يمكن أن يحقق بها النجاح.

ويضيف، “يجب أن يتدرب المصاب على تغيير نقطة التركيز لديه، حتى يشتت نقطة التوتر من خلال التفاعل الاجتماعي وتكوين الصداقات مع الأشخاص الإيجابيين”.

5 سلوكيات علاجية مهمة

وحول كيفية إدارة التوتر، أو التغلب على إدمان التوتر، نشر موقع “سايك سنترال”، العديد من النصائح التي يجب اتباعها، ومنها:

  1. اللجوء للعلاج السلوكي أو العلاج السلوكي المعرفي.
  2. ممارسة تمارين التنفس العميق.
  3. ممارسة التأمل أو اليقظة.
  4. وضع روتين منتظم للقيام بالرعاية الذاتية.
  5. وضع حدود تعزز سلوكيات يومية لعيش حياة متوازنة.
شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version