في خطوة تعكس تصاعد حدة الصراع السياسي والقانوني في الولايات المتحدة، أثار الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب جدلاً واسعاً بإعلانه عن نيته إلغاء الأوامر التنفيذية والتشريعات التي وقعها الرئيس جو بايدن باستخدام تقنية "القلم الآلي" (Autopen). هذا الإعلان لم يكن مجرد مناورة سياسية، بل يفتح الباب أمام نقاش دستوري عميق حول صلاحيات الرئيس وآليات الحكم في العصر الحديث.
ما هي قصة «القلم الآلي» في البيت الأبيض؟
لفهم أبعاد هذا القرار، يجب العودة إلى تاريخ استخدام هذه التقنية. "القلم الآلي" هو جهاز ميكانيكي يستخدم لتكرار توقيع الرئيس بدقة متناهية. تاريخياً، استخدم الرؤساء الأمريكيون منذ عهد دوايت أيزنهاور هذه الأجهزة لتوقيع المراسلات الروتينية والصور التذكارية. ومع ذلك، ظل استخدامها لتوقيع القوانين الفيدرالية والأوامر التنفيذية منطقة رمادية من الناحية القانونية.
تصاعد الجدل في السنوات الأخيرة، وتحديداً في عهد الرئيس باراك أوباما ثم جو بايدن، حيث تم استخدام القلم الآلي لتوقيع تشريعات هامة أثناء تواجد الرئيس خارج العاصمة واشنطن أو في إجازات خاصة. يرى المنتقدون، وعلى رأسهم الفريق القانوني لترمب، أن هذا الإجراء قد يخالف الدستور الأمريكي الذي يقتضي ضمناً الحضور الشخصي للرئيس لإضفاء الشرعية على القوانين.
الأبعاد القانونية والدستورية
يستند ترمب وحلفاؤه في هذا التوجه إلى تفسير صارم للمادة الأولى من الدستور الأمريكي، التي تنظم عملية تقديم مشاريع القوانين إلى الرئيس لتوقيعها. الحجة الأساسية هي أن التوقيع يمثل "فعلاً شخصياً" يعبر عن الموافقة الرئاسية، ولا يمكن تفويضه لآلة أو لموظف يضغط على زر، حتى لو كان ذلك بأمر مباشر من الرئيس.
في المقابل، استندت إدارات سابقة إلى آراء قانونية صادرة عن مكتب المستشار القانوني بوزارة العدل، والتي أفادت بأن التوقيع عبر القلم الآلي يعد دستورياً طالما أن الرئيس قد أصدر توجيهاً واضحاً ومحدداً باستخدامه لوثيقة معينة. هذا التضارب في التفسيرات القانونية يجعل من تحرك ترمب مادة دسمة للمحكمة العليا إذا ما تم الطعن في شرعية تلك القوانين.
التأثيرات السياسية والاقتصادية المتوقعة
إن التهديد بإلغاء الأوامر الموقعة بهذه الطريقة يحمل تداعيات تتجاوز الجانب القانوني لتصل إلى عمق السياسة والاقتصاد:
- إلغاء إرث بايدن: يهدف هذا التحرك بشكل أساسي إلى تفكيك حزم من القرارات التي اتخذها بايدن، والتي قد تشمل قرارات تتعلق بالمناخ، الهجرة، أو الإنفاق الحكومي، بحجة بطلان إجراءات توقيعها.
- حالة من عدم اليقين: قد يؤدي هذا الطعن إلى حالة من الإرباك في الأسواق والمؤسسات التي تعتمد على سريان هذه القوانين، حيث سيصبح مصير العديد من التشريعات معلقاً بانتظار الفصل القضائي.
- سابقة تاريخية: نجاح ترمب في هذا المسعى سيفرض قيوداً صارمة على الرؤساء المستقبليين، مما يلزمهم بالتواجد الفعلي في واشنطن لتمرير أي قانون، وهو ما قد يعيق سرعة اتخاذ القرار في الأزمات.
ختاماً، لا تعد قضية "القلم الآلي" مجرد تفصيل تقني بسيط، بل هي معركة حول حدود السلطة التنفيذية ومدى التزام الرؤساء بالنصوص الدستورية الحرفية في مواجهة التطورات التكنولوجية ومتطلبات الحكم الحديث.
The post ترمب يلغي أوامر بايدن الموقعة بالقلم الآلي: الأسباب والتداعيات appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.


