في خطوة دبلوماسية تعكس الرغبة المشتركة في طي صفحة الخلافات وتأسيس مرحلة جديدة من التعاون، جددت المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية التزامهما الكامل بتنفيذ كافة بنود "اتفاق بكين"، مع التركيز على تعزيز علاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل لسيادة الدول.

خلفية اتفاق بكين التاريخي

يأتي هذا الالتزام استكمالاً للاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه في العاشر من مارس 2023 برعاية صينية، والذي شكل نقطة تحول مفصلية في المشهد السياسي للشرق الأوسط. وقد أنهى هذا الاتفاق قطيعة دبلوماسية استمرت لسبع سنوات، بدأت منذ عام 2016، مما أدى حينها إلى توترات إقليمية واسعة النطاق. وتضمن الاتفاق في جوهره الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارات والقنصليات في كلا البلدين، وهو ما تم تنفيذه بالفعل كخطوات بناء ثقة ملموسة.

تفاصيل التعاون والاتفاقيات المفعلة

لا يقتصر الالتزام الحالي على الجوانب الدبلوماسية الشكلية فحسب، بل يمتد ليشمل تفعيل اتفاقيات حيوية سابقة. فقد اتفق الجانبان على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة عام 2001، بالإضافة إلى الاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة عام 1998. ويعد إحياء هذه الاتفاقيات ركيزة أساسية لبناء مصالح اقتصادية مشتركة تضمن استدامة العلاقات السياسية.

الأهمية الاستراتيجية والتأثير الإقليمي

يحمل هذا التقارب السعودي الإيراني أهمية قصوى تتجاوز الحدود الجغرافية للبلدين لتشمل منطقة الشرق الأوسط برمتها. يرى المحللون السياسيون أن الالتزام الجاد ببنود اتفاق بكين سينعكس إيجاباً على العديد من الملفات الساخنة في المنطقة، لا سيما في اليمن، سوريا، ولبنان. حيث يسهم الحوار المباشر بين القوتين الإقليميتين في خفض حدة التوترات، وتقليل النزاعات بالوكالة، وتهيئة المناخ المناسب للحلول السياسية السلمية.

التوافق مع الرؤى الوطنية

محلياً، ينسجم هذا التوجه مع "رؤية المملكة 2030" التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تضع الاستقرار الإقليمي كشرط أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات العالمية وتحويل المنطقة إلى وجهة سياحية ولوجستية عالمية. في المقابل، تسعى طهران من خلال هذا الاتفاق إلى كسر العزلة الدولية وتحسين وضعها الاقتصادي عبر الانفتاح على جيرانها العرب.

الدور الدولي المتنامي

دولياً، يبرز هذا الالتزام نجاح الدبلوماسية الصينية في لعب دور الوسيط الضامن، مما يؤشر على تغير في موازين القوى الدولية وتنامي الدور الصيني في حفظ الأمن والسلم الدوليين في منطقة حيوية لمصادر الطاقة العالمية. إن استمرار الرياض وطهران في مسار التهدئة والتعاون يرسل رسالة طمأنة للمجتمع الدولي حول مستقبل إمدادات الطاقة وأمن الممرات المائية.

The post السعودية وإيران: التزام راسخ باتفاق بكين وتعزيز حسن الجوار appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.

شاركها.
اترك تعليقاً

© 2025 الشرق اليوم. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version