أثارت التصريحات الأخيرة للفنان المصري أحمد رفعت، والتي عبر فيها عن استيائه الشديد من قلة الأعمال المعروضة عليه وغياب الفرص الحقيقية، موجة واسعة من الجدل والتعاطف داخل الأوساط الفنية وعلى منصات التواصل الاجتماعي. لم تكن كلمات رفعت مجرد شكوى فردية، بل جاءت بمثابة جرس إنذار يسلط الضوء على أزمة عميقة يعيشها قطاع كبير من الممثلين الموهوبين في مصر، الذين يجدون أنفسهم خارج حسابات شركات الإنتاج وصناع الدراما رغم تاريخهم الفني المشرف وموهبتهم المشهود لها.
خلفية الأزمة: ليست حالة فردية
تأتي شكوى الفنان أحمد رفعت في سياق عام متكرر، حيث لم يكن هو الوحيد الذي خرج عن صمته. فقد شهدت السنوات القليلة الماضية خروج العديد من الفنانين المخضرمين والشباب بتصريحات مماثلة، يشكون فيها من الجلوس في المنازل لسنوات دون عمل، بينما يتم تدوير الأدوار بين مجموعة محددة من الأسماء. يعيد هذا المشهد للأذهان تاريخاً طويلاً من معاناة الفنانين مع تقلبات السوق، إلا أن الأزمة تفاقمت مؤخراً مع تغير آليات الإنتاج، واعتماد السوق على مواسم محددة مثل الموسم الرمضاني، مما قلص من حجم الإنتاج الدرامي طوال العام مقارنة بعقود سابقة كانت تشهد إنتاجاً غزيراً يغطي كافة القنوات الفضائية.
أحمد رفعت: موهبة أثبتت جدارتها
من الضروري الإشارة إلى أن أحمد رفعت ليس وجهاً جديداً يبحث عن فرصة للظهور، بل هو فنان يمتلك رصيداً فنياً محترماً. لقد برع في تقديم أدوار مركبة وشخصيات متنوعة، ولعل أبرزها مشاركته المؤثرة في مسلسل “الاختيار”، حيث نال إشادات واسعة من النقاد والجمهور على حد سواء. هذا التناقض بين النجاح الجماهيري والنقدي الذي يحققه الفنان عند مشاركته في عمل ما، وبين فترات البطالة الطويلة التي تلي ذلك، يطرح تساؤلات جدية حول المعايير التي تحكم عملية “الكاستينج” (تجارب الأداء) واختيار الممثلين في الوقت الراهن.
تأثير الأزمة على صناعة الفن في مصر
إن استمرار ظاهرة غياب الفرص عن الموهوبين لا يؤثر فقط على الحياة المعيشية للفنانين، بل يمتد تأثيره ليضرب عمق القوة الناعمة المصرية. فالفن المصري قام تاريخياً على التنوع والثراء في المواهب، وغياب وجوه مألوفة ومحبوبة وتمتلك الحرفة التمثيلية يؤدي إلى تكرار النمطية في الأعمال الدرامية. كما أن هذا الوضع يضع نقابة المهن التمثيلية أمام تحديات كبرى لإيجاد حلول تنظيمية تضمن عدالة توزيع الفرص، وتشجيع شركات الإنتاج على توسيع دائرة الاختيارات لتشمل الموهوبين الجالسين في بيوتهم.
دعوات لإعادة هيكلة سوق الدراما
في ضوء “صرخة” أحمد رفعت وغيرها من الاستغاثات، تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة إعادة النظر في منظومة الإنتاج الفني. يتطلب الأمر تكاتفاً بين الجهات المعنية لزيادة حجم الإنتاج خارج الموسم الرمضاني (Off-season)، والاهتمام بالمسلسلات القصيرة والمنصات الرقمية كبدائل واعدة يمكنها استيعاب طاقات الممثلين المعطلة. إن الحفاظ على الكوادر الفنية الموهوبة ليس مجرد واجب نقابي، بل هو ضرورة فنية للحفاظ على ريادة الدراما المصرية إقليمياً وعربياً.
The post أزمة أحمد رفعت تكشف معاناة الفنانين من غياب الفرص appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.


