تضامن خبراء التكنولوجيا في جميع أنحاء أوكرانيا لمواجهة الغزو الروسي، مستخدمين جميع الوسائل التكنولوجية الممكنة من الطائرات المسيرة وحتى الأمن السيبراني، ولكن بعد الحرب يأمل رواد التكنولوجيا أن تساعد ابتكاراتهم في تعزيز مستقبل أوكرانيا.

وتغيرت مسارات شركات التكنولوجيا في أوكرانيا بعد الحرب، فبالنسبة لأندري كلين المؤسس المشارك والمدير المالي لشركة “بيتكيوب” (Petcube) المختصة بتصميم وتطوير الأجهزة الذكية الخاصة بالحيوانات الأليفة، لم يعد الأمر يقتصر على إشعارات البريد الإلكتروني التي تظهر على شاشة الهاتف المحمول، بل يشمل أيضا تنبيهات لدخول الصواريخ.

وفي نفس الوقت، يساهم العديد رواد التكنولوجيا الأوكرانيين في المجهود الحربي بينما يحلمون بمستقبل ما بعد الحرب.

قطاع التكنولوجيا يدعم الاقتصاد الأوكراني

يبذل العاملون في قطاع التكنولوجيا قصارى جهدهم للاحتفاظ بالحرية التي اكتسبوها بشق الأنفس. مثلا: كلين هو أحد المبادرين وراء منظمة “أنفق لأجل أوكرانيا” وهي غير ربحية تدير منصة ويب تحتوي على دليل يضم أكثر من 240 شركة ذات جذور أوكرانية.

وهذه المنظمة تدرك أن الناس قد يترددون في تقديم المساعدة المباشرة في الأمور العسكرية، ولهذا أراد مؤسسوها إيجاد طرق أخرى لدعم أوكرانيا واقتصادها.

يقول كيلن “هذا الأمر مهم حقا، لأننا ما زلنا بحاجة إلى أن يكون هذا المكان مُنتِجا ومزدهرا ليؤدي دوره الأساسي. نحن نعتقد بأنه يمكننا الاستمرار في ذكر اسم أوكرانيا في سياق إيجابي، والدعاية والترويج للمنتجات والخدمات الأوكرانية”.

وكان لشركتي “بيتكيوب وريسبيتشر” خطط طوارئ جاهزة قبيل الغزو الروسي، وحين اضطر ملايين الأشخاص إلى إخلاء منازلهم تبرعت الشركات بالأموال لمختلف المنظمات الإنسانية والدفاعية، وفقا لموقع ذا نيكست ويب.

الأمن السيبراني للدفاع عن أوكرانيا

أحد أبرز الشخصيات في مجال الأمن السيبراني بأوكرانيا هو سيرجي كريفوبلوتسكي رئيس قسم الأبحاث والتطوير التقني بشركة “ماك بو” (MacPaw) وهي مختصة في برمجيات أوكرانية. وقد ابتكر تطبيقا أطلق عليه اسم “سباي باستر” (SpyBuster) يعمل على فحص الهاتف بحثا عن أي تطبيقات تتصل بخوادم في روسيا أو بيلاروسيا والتي قد تكون برامج تجسس تابعة لطرف روسي.

وبحسب الموقع الرسمي للإذاعة الوطنية العامة (RNP) فإن شركات مثل “ماك بو” تشكل جزءا رئيسيا من الحرب ومن مستقبل أوكرانيا، فهم يقدمون كل الخدمات التكنولوجية من أجل تحقيق النصر من جهة وإنعاش اقتصاد أوكرانيا من جهة أخرى.

استبدال الأطراف المبتورة بأطراف صناعية آلية

تقوم شركة “إسبير بايونكس” الناشئة في مجال تعزيز قدرات الإنسان بتصنيع أطراف صناعية آليه تأتي مزودة بمستشعرات على سطح الجلد تنقل الإشارات من العضلات وترسلها إلى اليد الروبوتية، ومن ثم تقوم هذه اليد بتنفيذ الوظيفة عوضا عن اليد البشرية.

وتقول آنا بيليفانتسيفا المؤسسة المشاركة والمديرة التنفيذية للشركة “أردنا التركيز على التحكم وسهولة الاستخدام، كما أردنا أن نكون قادرين على جمع البيانات من مستخدمينا لإنشاء جهاز طرف صناعي متصل بالإنترنت، لربطه بأجهزة أخرى مختلفة في المنزل”.

وتوجد بيليفانتسيفا حاليا في نيويورك، حيث إن السوق الرئيسي للشركة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، تصنع “إسبير بيونكس” معداتها في كييف، وعندما بدأت الحرب الشاملة، قرر غالبية الفريق في أوكرانيا البقاء في البلاد.

في البداية، نقلت “إسبير بيونكس” عمليات التصنيع إلى المناطق الغربية. ومع ذلك، وبعد أن اتضح أن الشركة لم تتمكن من توظيف المزيد من المهندسين في تلك المواقع، قرروا العودة إلى كييف حيث زاد عدد الموظفين من 14 إلى 25 موظفا من بداية عام 2022 حتى نهايته (والآن هم فريق مكون من 60 موظفا).

وتضيف بيليفانتسيفا “تلقينا الكثير من الطلبات من الناس والشركات والمنظمات الحكومية حول منتجنا، وكانوا يتوقعون منا أن نكون قادرين على توفير منتجاتنا للجنود الذين فقدوا أيديهم بأسرع وقت. وهنا شعرنا بهذه المسؤولية الكبيرة، لهذا السبب كان علينا المضي قدما بسرعة كبيرة.”

وتُشغّل الشركة برنامج “إسبير فور يوكرين” الذي يوفر أطرافا صناعية لمن فقدوا أطرافهم في الحرب بتكاليف التصنيع. كما تدير دورات تدريبية للأطباء في أوكرانيا حول كيفية تركيب هذه الأجهزة.

وفي الوقت الحالي، يتركز اهتمام الفريق على توسيع منشأة التصنيع في كييف، بينما يعملون على توسيع سوقهم في الولايات المتحدة وإطلاق عملياتهم بأوروبا.

ومع ذلك، فإن “إسبير بيونكس” تتطلع في المستقبل للانتقال إلى زراعة الأطراف التي ستسمح للناس بالتواصل مع الأيدي الآلية وأجهزة الحاسوب المحمولة وأنظمة الإضاءة وغيرها، دون أي حساسات خارجية على الإطلاق.

حماية الثقافة والهندسة المعمارية الأوكرانية باستخدام التكنولوجيا

إنها ليست مجرد حرب على الدولة فحسب، بل أيضا حرب على الهوية. ولذلك، يأخذ الحفاظ على الثقافة اهتماما إضافيا للمحافظة عليها.

وهنا تأتي التكنولوجيا لتدعم، وأبرز مثال هو “بالبيك بيرو” أحد أبرز الشركات في هذه الحرب وهي معمارية مشهورة عالميا، فازت بالعديد من الجوائز، ويقع مقرها في كييف.

وبينما لا تزال تعمل على تصميمات صناعية أنيقة في مجالات الضيافة والتجزئة والعافية، حولت الشركة حماسها الإبداعي لدعم الأوكرانيين المهجرين وجهود إعادة الإعمار مع الحفاظ على التقاليد الوطنية.

وتندرج مبادراتها الاجتماعية تحت مشروع يُسمى “ري يوكرين” الذي يهدف إلى استضافة العائلات النازحة داخليا في وحدات سكنية مؤقتة على المدى القصير والطويل مع وضع الاحتياجات الإنسانية والكرامة في تصميمها الأساسي.

وهناك العديد من المشاريع التقنية مثل “ري يوكرين فيجن” (Re:Ukraine Vision) وهو مشروع لا يزال في مرحلة البحث والتطوير، والذي تريد “بابليك بيرو” هو فهم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل في مجال العمارة بشكل عام، وفي إعادة بناء المباني المدمرة بشكل خاص.

وتتعاون الشركة مع الجامعات التقنية في أوكرانيا لتطوير خوارزميات من شأنها توليد صور لكيفية إعادة بناء المباني المدمرة، حسب ما ذكر موقع “ذا نيكست ويب”.

ويقول المهندس المعماري الرقمي سلافا ستوبول “الفكرة هي تطوير تطبيق يتيح للشخص التقاط صورة لمبنى مدمر، ثم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء رؤية جديدة لكيفية إعادة بناء هذا المنزل. وسيوفر ذلك للناس فهما أعمق ويبدؤون محادثة حول كيف يمكن أن تكون الأمور بعد النصر، والاتجاه الذي نريد التحرك فيه”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version