تونس- عاد الجدل في أوساط كرة القدم بتونس حول قانون اللاعبين الأجانب المحترفين بأندية الدوري المحلي وذلك مع اقتراب مشاركة نادي الترجي في النسخة المقبلة من كأس العالم للأندية المقررة بالولايات المتحدة.

وقبل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد التونسي لكرة القدم، مطلع عام 2025، أثار عدد من نوادي الدوري الممتاز ملف العدد الأقصى للاعبين الأجانب الذين يمكن التعاقد معهم والذين يتم إشراكهم في وقت واحد بالمباراة.

وقدّم بعض نوادي الدوري وفي مقدمتهم الترجي حامل لقب الدوري التونسي، مذكّرة لاتحاد كرة القدم من أجل تغيير القوانين الخاصة باللاعبين الأجانب وتبنّي القانون الجديد خلال الجمعية العمومية المقبلة.

ديون متراكمة

وأعربت أغلب الأندية عن رفضها تبني المشروع الجديد باعتبار أن اللاعبين الأجانب شكّلوا خلال السنوات الماضية “كابوسا” لتلك الأندية بسبب تراكم مستحقاتهم والعجز عن دفعها ما تسبب في فرض عقوبة المنع من التعاقدات من قِبَل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضد أكثر من نصف فرق الدوري.

ويعدّ ملف اللاعبين الأجانب من أكثر الأسباب التي عمقت أزمات الأندية في تونس، إذ مع تراجع الإيرادات وتفاقم الصعوبات المالية بسبب الأوضاع العامة في البلاد، عجزت جلّ الأندية عن دفع رواتب لاعبيها الأجانب لينتهي الأمر في أغلب الحالات بين أروقة فيفا بعد رفع اللاعبين الأجانب شكاوى للحصول على مستحقاتهم.

وفي يوليو/تموز الماضي، سجّلت أندية دوري المحترفين (1) و(2) رقما سلبيا غير مسبوق عندما أصدرت غرفة النزاعات في فيفا أحكاما بمنع 11 ناديا تونسيا من بينها 9 أندية تنشط بالدوري الممتاز بالمنع من التعاقدات لفترات متفاوتة بسبب تفاقم ديونها لفائدة اللاعبين والمدربين الأجانب.

وشملت العقوبات 27 قضية رفعها لاعبون ومدربون سبق لهم الانتماء والعمل مع أندية تونسية دون أن يحصلوا على كامل رواتبهم.

ويأمل الترجي التونسي في أن يرفع اتحاد كرة القدم سقف اللاعبين الأجانب في كل فريق حتى يتمكن من ضم لاعبين جدد تأهبا للمشاركة في كأس العالم للأندية المقبلة، كما يسعى النادي الأفريقي، متصدر الدوري الممتاز حتى الآن إلى الغاية نفسها لتعزيز حظوظه في التتويج باللقب.

وتدافع بعض الأندية وفي مقدمتها الترجي عن مشروع الرفع في عدد اللاعبين الأجانب لمواكبة التطورات التي تشهدها كرة القدم في العالم، خصوصا أن الفريق سيكون في مواجهات قوية في كأس العالم للأندية 2025.

ويرى مسؤولو الترجي أن النجاح في المسابقات القارية والعالمية يتطلب وجود لاعبين ذوي إمكانيات كبيرة عادة ما تتوفر في اللاعبين الأجانب.

أندية تعارض

لكن عددا من أندية الدوري التونسي للمحترفين أبدت معارضتها لمشروع القانون الجديد، باعتبار أنه سيزيد في تكبيل تلك الأندية وتفاقم ديونها.

ويرى محمد محجوب رئيس الملعب التونسي، أن “سياسة التعاقدات الأجنبية لا بد أن تخضع لدراسة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الكلفة المالية للاعب والتداعيات الممكن وقوعها”.

وقال محجوب للجزيرة نت “الملعب التونسي يسعى للانفتاح على كرة القدم في بلدان أخرى وضم لاعبين أجانب، ولكن دون المس بالمبدأ الأساسي للفريق وهو تكوين الشبان ومنحهم الفرصة للعب في الفريق الأول، اللاعب الأجنبي مهم لكن يجب تفادي العقوبات الناتجة عن انفجار أجور بعض اللاعبين وعدم القدرة عن تسوية مستحقاتهم”.

محمد محجوب رئيس الملعب التونسي

عقوبات الفيفا: خطر محدق

وسبق للكثير من الأندية التونسية أن عوقبت بالمنع من التعاقدات من قبل فيفا، بمن فيها الترجي نفسه، وذلك بسبب عدم تسديد مستحقات لاعبيها الأجانب قبل أن يتم رفع تلك العقوبات بعد تسوية النزاعات المالية.

ووجهت عدة أطراف داخل الأوساط الكروية في تونس اتهامات لمسؤولين بالإقبال على التعاقد مع لاعبين أجانب دون إدراك التداعيات المالية والقانونية لذلك.

وقال محمد هشام الذيب، عضو مجلس اتحاد كرة القدم السابق إن “رفع سقف التعاقدات الأجنبية والنسج على منوال دوريات أخرى سواء من دول الجوار أو في أوروبا من شأنه أن يرفع مستوى الدوري التونسي ويعزز حظوظ الأندية التونسية التي تخوض المسابقات الأفريقية والعالمية مثل الترجي”.

وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت قال الذيب، وهو محام متخصص في القانون الرياضي “مجال التعاقدات الأجنبية لا بدّ أن يواكب التطور الذي تشهده كرة القدم في العالم، بمثل هذه القوانين لا يمكن للترجي مثلا أو لغيره من الفرق أن ينافس على المسابقات القارية، ما فعله الترجي مثلا في الموسم الماضي بالوصول لنهائي دوري أبطال أفريقيا يشكل معجزة”.

وتابع “عندما كنا في اتحاد الكرة (2020 ـ 2024) حرصنا على أن تواكب قوانين اللاعبين الأجانب ما تشهده الكرة الأفريقية من تطور، لا بد من منح اللاعبين الأجانب مكانة أكبر في الدوري التونسي حتى تصبح الأندية قادرة على المنافسة بقوة على الألقاب القارية”.

وتمنح قوانين الكرة التونسية حاليا أندية دوري المحترفين الحق في التعاقد مع 6 أجانب كحد أقصى في الفترة الواحدة للانتقالات، فيما لا يتم احتساب اللاعبين الذين تقل أعمارهم عن 21 عاما، لكن تلك القوانين لا تسمح بإشراك أكثر من 4 لاعبين في وقت واحد على أرض الملعب.

وتضم أندية دوري المحترفين في تونس، ما يزيد على 80 لاعبا أجنبيا أغلبهم في الأندية الكبيرة مثل الترجي والأفريقي (7 لاعبين) والصفاقسي (6 لاعبين) والملعب التونسي (5 لاعبين).

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version