دُشّنت بطولة كأس أوروبا عام 1960 في باريس على ملعب “حديقة الأمراء”، الذي كان نصفه فارغا، بمشاركة 4 منتخبات، لكنها تطوّرت تدريجا، وأصبحت مسابقة كبرى يخوضها 24 منتخبا هذا الصيف في نسختها الـ17.

فعلى غرار كأس العالم أو مسابقات الأندية الأوروبية، وُلدت فكرة هذه البطولة في فرنسا.

ويقول المؤرّخ بول ديتشي إن “إنشاء كأس أوروبا كان برغبة من هنري دولوني، الأمين العام للاتحاد الفرنسي، ونجله بيار بعد وفاة والده”.

وأضاف مؤلّف كتاب “تاريخ كرة القدم” “كان انتقاما من جول ريميه (رئيس اتحاد فرنسا لكرة القدم بين عامي 1919 و1945، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بين عام 1921 و1954)، الذي حصل على لقب عرّاب كأس العالم، فيما كانت فكرة أمم أوروبا من دولوني الذي بقي محبطا”.

نشأت الفكرة بين حربين عالميتين، لكنها لم تتجسّد في ظل التوترات السياسية خلال تلك الحقبة، وفي نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، أبصرت كأس أمم أوروبا النور، واحتفظت بهذا الاسم حتى 1968 لتصبح كأس أوروبا.

بعد إصابته بالمرض عام 1955 قبل أن يرى مشروعه يتحقّق، ترك هنري دولوني اسمه محفورا على الكأس المرموقة.

النسخة الافتتاحية

شارك 17 منتخبا في تصفيات النسخة الافتتاحية، بنظام خروج المهزوم من مواجهتي ذهاب وإياب، وصولا إلى نهائيات شاركت فيها 4 منتخبات.

وقد قاطعت إنجلترا وألمانيا الغربية وإيطاليا هذه النسخة “اعتراضا على ازدحام جدول المباريات في الروزنامة”، كما يشرح ديتشي.

ويذكر المؤرّخ “لم يكن الجمهور على الموعد”، فحضر 27 ألف متفرّج لمشاهدة فرنسا، دون نجميها المصابين ريمون كوبا وجوست فونتين، لتخسر أمام يوغوسلافيا (4 – 5)، وحضر 18 ألفا في النهائي بين الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا، الذي انتهى لصالح الاتحاد السوفياتي (2-1).

وقال ديتشي “هذه مشكلة بطولة شابة، تحتاج إلى بناء إرث لها”.

لكنه أردف “كأس العالم الأولى لم تكن أكثر نجاحا عام 1930، بمشاركة منتخبات معظمها أميركية وأربعة أوروبية من الصف الثاني (فرنسا، ورومانيا، وبلجيكا، ويوغوسلافيا)، وقد حضر الجمهور بشكل كثيف فقط في مباريات الأوروغواي وجارتها الأرجنتين”.

وفي عام 1960، بالإضافة إلى فرنسا، جمعت البطولة 3 منتخبات من الكتلة الشرقية.

ويضيف المؤرّخ “تمتعت تلك الدول بمنتخبات قوية، ومن السهل جمع اللاعبين في بلد شيوعي لإعداد منتخب وطني”.

لعبت السياسة دورها، فانسحبت إسبانيا فرانكو من ربع نهائي التصفيات، لعدم رغبتها بمواجهة الاتحاد السوفياتي الشيوعي، وكتبت وكالة الأنباء الفرنسية آنذاك “كرة القدم ضحيّة الحرب الباردة”.

“ولسخرية القدر، بعد 4 سنوات، فازت إسبانيا في مدريد على الاتحاد السوفياتي (2-1).

انضمّت إيطاليا وإنجلترا إلى تصفيات كأس أوروبا عام 1964، ثم ألمانيا الغربية في 1968، حيث سبق دور للمجموعات ربع نهائي التصفيات، قبل انطلاق “المربع الأخير”.

8 منتخبات

استمرّ هذا النظام حتى 1976، وفي عام 1980 بإيطاليا شاركت 8 منتخبات لأوّل مرّة في النهائيات.

وقد بلغت بلجيكا الحارس جان-ماري بفاف والقائد يان كولمانز نهائي البطولة الكبرى الوحيدة في تاريخها، حيث أقصت إيطاليا المضيفة في طريقها، قبل أن تسقط في النهائي ضد ألمانيا الغربية (1-2) بثنائية هورست هروبيش.

24 منتخبا

عام 1996 في إنجلترا، ارتفع عدد المشاركين إلى 16 منتخبا، وحصدت ألمانيا البطولة بنظامها الجديد، بهدف ذهبي في مرمى تشيكيا (2-1)، وكانت الثنائية هذه المرّة لأوليفر بيرهوف.

وأخيرا، وصل العدد إلى 24 مشاركا في 2016، عندما استضافت فرنسا النهائيات مرّة ثالثة.

هذه المرّة لم يتوّج “الديوك” على أرضهم على غرار 1984، فسقطوا في النهائي بعد التمديد ضد البرتغال، وللاحتفال بالعيد الـ60 للبطولة، اختار الاتحاد الأوروبي (ويفا) صيغة مختلفة بحيث استضافتها 11 مدينة في 11 بلدا أوروبيا.

في 2021، تأخر الاحتفال لسنة بسبب جائحة كورونا، قبل أن ترفع إيطاليا اللقب الثاني في تاريخها على حساب إنجلترا بركلات الترجيح.

وفي صيف 2024، يشارك 24 منتخبا بألمانيا في الفترة بين 14 يونيو/حزيران الحالي و14 يوليو/تموز المقبل، موزّعين على 6 مجموعات.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version