ثلاث كلمات باللغة الإنجليزية من صحفي إيطالي، يدعى فابريزيو رومانو، باتت بوابة سوق انتقالات اللاعبين بفرعيه الصيفي والشتوي، فكل منشور منه يفتح باب عالم الصفقات الخفي الذي تقدر حركته بمليارات الدولارات، وكل ذلك قبل أن يعلن ناديان أو لاعب انتقاله.

“Here We Go” (ها نحن مجددا) تعني أن الصفقة اكتملت، وأن اللاعب قاب قوسين من التوقيع لهذا الفريق أو ذاك، وحدوث اتفاق بين الأطراف الثلاثة (الناديان البائع والشاري واللاعب) على قيمة الصفقة وراتب اللاعب والمتغيرات أو الإضافات وحتى عمولة وكيل أعمال اللاعب.

عملية معقدة قد تتطلب أشهرا من التفاوض وتقديم العروض والرفض ورفع قيمة الصفقة ودخول وسطاء لإتمامها، وكل ذلك يتم بعيدا عن الأضواء، ولا تتم الصفقة إلا بعد أن يجتاز اللاعب الفحوص الطبية اللازمة، ثم يقدم اللاعب للجماهير.

في السابق -قبل “عصر رومانو” الصحفي الموثوق- كانت هناك أخبار مغلوطة وتوقعات ملتبسة وشائعات واختلاقات تميل معها جماهير الفرق سلبا أو إيجابا. ومع رومانو (30 عاما) الذي اتخذ من الصدق في نقل المعلومة ونشر الأخبار الصحيحة التي يأخذها من مصادرها الموثوقة فقط، باتت الجماهير على علم بكل مراحل عملية الصفقة، منذ إبداء الفريق الرغبة بضم اللاعب وحتى إتمام الصفقة أو فشلها.

بروفايل|  فابريزيو رومانو.. أبرز مصدر موثوق في انتقالات كرة القدم

وتحاول الجزيرة نت، في هذا التقرير، الإحاطة بكل تفاصيل هذه العملية الشاقة والمرهقة والمكلفة، وسبر أغوار هذا العالم الخفي.

ماذا يعني انتقال اللاعب من ناد إلى آخر؟

هو عمل تجاري بين ناديين يسفر -في حال الاتفاق- عن انتقال لاعب من ناد إلى آخر، فإذا كان اللاعب يرتبط بعقد، فإن الفريق الشاري سيدفع للفريق البائع مبلغا يُتفق عليه، وإذا كان عقده منتهيا أو سينتهي فتسمى العملية انتقالا حرا أو مجانيا.

وقبل الغوص في بحار هذه العملية، من الضروري الإشارة إلى أن سوق الانتقالات الصيفي -الذي يسمى “الميركاتو” (كلمة إيطالية تعني السوق)- الحالي فاق كل التوقعات، وحطم كل الأرقام المسجلة سابقا.

وبحسب تقرير للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بلغت رسوم الانتقالات 7 مليارات و360 مليون دولار بزيادة قدرها 47.2% عن 2022، و26.8% عن الرقم القياسي السابق المسجل في 2019.

وتؤخذ عدة عوامل في تحديد قيمة صفقة اللاعب، أبرزها:

  • جودة اللاعب
  • مدة عقده مع فريقه
  • قيمته السوقية الحالية
  • القيمة المستقبلية المحتملة للاعب

كيف يحصل الانتقال؟

في المبدأ، يحصل الانتقال عندما يتفق الفريقان على بيع وشراء اللاعب. تكون البداية مع رغبة الفريق في التعاقد مع لاعب معين، ويقدم مسؤول في الفريق الراغب بشراء اللاعب طلبا رسميا للفريق الذي يملك عقده، فإذا كان الأخير منفتحا على بيع لاعبه يسأل اللاعب عن رأيه، وعادة يتدخل في هذه العملية وكيل اللاعب والفريق المحيط به.

ثم يفتح الباب على النقاش بين الناديين على قيمة الصفقة ثم الإضافات والمتغيرات، وهل سيكون للنادي الذي يريد بيع اللاعب أي نسبة من بيعه في المستقبل؟ إضافة إلى نواح مادية وتجارية أخرى، وكل عقد يختلف عن الثاني بحسب ما تصل إليه المفاوضات بين الأطراف.

بعد الاتفاق مع النادي، على الفريق الراغب بالشراء التفاوض مع اللاعب ووكيل أعماله على راتبه وباقي البنود الشخصية في العقد ومدته والمكافآت والمتغيرات فيه وحقوق بيع الصور وغيرها الكثير من الأمور.

وبعد الاتفاق على البنود الشخصية، على اللاعب أن يتجاوز الفحوص الطبية للكشف على حالته البدنية وما إذا كان هناك أي إصابة سابقة قد تعود من جديد، وتؤثر نتيجة الفحوص الطبية على قيمة الصفقة.

ما ذكر في الفقرة السابقة هو الصورة المثالية للانتقال، ولكن هناك -كما في كل الأعمال التجارية- عمليات تتم بطرق التفافية.

ومن بين هذه الطرق أن يُلتف على النادي ويتم التواصل مباشرة مع اللاعب أو وكيل أعماله عبر إغرائه بعرض مادي أو كروي كبير قبل المرور بالقنوات الرسمية للنادي الذي لديه عقد معه.

وهناك أيضا طريق آخر لعدم التفاوض مع النادي مالك عقد اللاعب وهي أن يكون عقده يتضمن بندا جزائيا، إذ يقوم النادي الراغب بشرائه بتفيعله، ودفع المبلغ للنادي الذي ينتمي إليه اللاعب دون أي تفاوض، وبدلا من ذلك يتفاوض مع اللاعب على البنود الشخصية بالعقد.

وكلاء الأعمال.. مهنة تدر الملايين

وفي هذا الطريق يظهر رفيق دوره حاسم في إيصال الصفقة إلى بر الأمان، وهو وكيل الأعمال الذي يتقاضى ملايين الدولارات ليس فقط من إدارة أعمال اللاعب، بل عن كل صفقة انتقال يعقدها موكله، وعادة ما تكون “أتعاب” وكيل الأعمال أو “الممثل القانوني” نسبة من الصفقة، وفي بعض الأحيان يطالبون بمكافأة من الفريقين إذا تمت الصفقة.

ووكلاء اللاعبين هم أشخاص متخصصون في المسائل القانونية وتعقيداتها، ومفاوضون ماهرون وصبورون قادرون على إتمام الصفقات بأعلى سعر، وهذا ما يثير استياء بعض الأندية.

ولأن هذه المهنة ليست عادية وتحتاج إلى مواصفات خاصة، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ أن رسوم وكلاء أعمال اللاعبين بلغت 853 مليون دولار أميركي طوال عام 2023، مسجلة ارتفاعا بنسبة 36.9% عن مجموع الرسوم لعام 2022 بأكمله، وأكثر من أي عام آخر من الأعوام السابقة.

وأبرز هؤلاء الوكلاء الذين يطلق عليها “الوكيل السوبر”، هما البرتغالي خورخي مينديز، والإيطالي الراحل مينو رايولا، وهذا الوصف يطلق عليهما لمهارتيهما في التفاوض وعدد النجوم الذين يعملان معهما.

فترتا “الميركاتو”

هناك فترتان رسميتان لتسجيل اللاعبين -بحسب الفيفا- ومعتمدتان في مختلف الدول الأوروبية التي تضم الدوريات الخمسة الكبرى، الأولى تسمى “الميركاتو الصيفي”، يفتح السوق عادةً في يونيو/حزيران ويغلق في بداية سبتمبر/أيلول من كل عام، أما “الشتوي” فيبدأ في يناير/كانون الثاني ويغلق عادةً في نهاية الشهر ذاته.

وهناك بطولات محلية، مثل الدوري التركي والسعودي والأميركي، لا تلتزم بهذه المواعيد ولديها مواعيد خاصة بها لتسجيل اللاعبين، وهذا يعني أنه يحق للفريق المنضوي تحت لواء هذه البطولات التعاقد مع أي لاعب خارج الفترتين الرسميتين حتى لو كان اللاعبون ينشطون في البطولات الأوروبية.

ويستطيع أي لاعب انتهى عقده ولم يجد فريقا أن ينضم ساعة يشاء إلى أي ناد، ولكنه لن يسجل إلا في فترات التسجيل الرسمية، كما أن هناك استثناءات تمنح للفرق لضم لاعبين بحالات طوارئ مثلا أن يصاب الحارس الأساسي والبديل فيسمح للنادي بضم حارس بديل.

قصة الانتقال الحر أو المجاني

يحق للاعب أن يتفاوض بشكل قانوني مع أي فريق يريد عندما يدخل عقده مع فريقه آخر 6 أشهر، وإذا تم الاتفاق بين اللاعب والفريق الجديد فإنه ينتقل إليه مجانا دون أن يضطر الفريق الشاري لدفع أي مبلغ، ولكن عليه أن يتفق مع اللاعب على البنود الشخصية في العقد.

وهذا الحق انتزعه لاعبو كرة القدم منذ عام 1995، ويعرف هذا الانتقال باسم “قانون بوسمان”، الذي تعود التسمية إلى اللاعب البلجيكي جان مارك بوسمان، الذي انتهى عقده مع فريق “آر إف سي دو لييج” البلجيكي وقتئذ.

وعندما أراد بوسمان الانتقال إلى فريق “دونكيرك” الفرنسي، طلب الفريق البلجيكي نصف مليون باوند وقتها، لكن الفريق الفرنسي رفض الطلب ليجد بوسمان نفسه في دوامة ولا يستطيع اللعب لأي من الفريقين قبل أن يرفع قضية في المحكمة ويكون الحكم في صالحه وينتقل مجانا إلى الفريق الفرنسي، ومن وقتها كرّس هذا القانون وبات معتمدا في عالم كرة القدم.

طلب الرحيل

هو طلب رسمي يقدمه اللاعب لإدارة ناديه، يعبر فيه عن رغبته في الرحيل، وهي وسيلة ضغط على النادي، وجعل هذه الرغبة علنية وعادة ما تعد شكلا من أشكال التمرد على رفض النادي المتكرر للاستغناء عن اللاعب.

وقد يرفض النادي هذا الطلب، ولكن عادة عندما تصل الأمور إلى هذه المرحلة يفضل النادي بيع اللاعب للاستفادة من أموال الصفقة وعدم حدوث أي شرخ بين اللاعبين في غرفة الملابس.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي + وكالات

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version