تضم الأرض حوالي 1500 بركان نشط، ومع ذلك لا نملك سوى بيانات دقيقة عن 30% منها، وذلك لصعوبة مراقبة “وقودها” الصهارة الشهيرة الغنية بالمعلومات.

تتكون هذه الصخور المنصهرة لأول مرة على عمق يتراوح بين 60 و150 كيلومترا في وشاح الأرض، في حين أن أعمق الآبار البشرية يصل إلى عمق حوالي عشرة كيلومترات، مما يمنع المراقبة المباشرة. ويحدد معدل إنتاج الصهارة في القشرة الأرضية العميقة تحت البركان حجم وتواتر الانفجارات المستقبلية.

800 مليون شخص في خطر

ويشكل هذا النقص في البيانات خطرا يهدد أكثر من 800 مليون شخص يعيشون بالقرب من البراكين النشطة. ولذلك، في العديد من المناطق، لا يوجد أساس لتقييم المخاطر التي يشكلها بركان معين ومدى التدابير الوقائية التي يتعين اتخاذها -محيط الإخلاء على سبيل المثال- في حالة الاشتباه في حدوث ثوران.

ولتقييم احتمالية حدوث ثوران بركاني، يحتاج الباحثون إلى إلقاء نظرة ثاقبة على البنية الداخلية للبركان. ومع ذلك، فإن الحصول على هذه البيانات الأساسية يمكن أن يكون مهمة طويلة الأجل، تنطوي على سنوات من الدراسات الميدانية والتحليلات والمراقبة المستمرة.

لذا قام فريق من جامعة جنيف بتطوير طريقة للحصول بسرعة على معلومات قيمة، وتوفر نتائجهم المنشورة في دورية “جيولوجي”، طرقا جديدة لتحديد البراكين التي تشكل الخطر الأكثر أهمية. وقد حدد الفريق 3 معايير يمكن قياسها بسهولة وتقدم نظرة ثاقبة للخصائص الهيكلية للبراكين، مما يمثل تقدما في مجال تقييم المخاطر والتدابير الوقائية.

3 معلومات أساسية

وكما يشير البيان الصحفي المنشور على موقع “سايتك ديلي” في الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري فإن العلماء يستخدمون بانتظام طرق التحليل الجيوكيميائية والجيوفيزيائية لمراقبة البراكين، ولكن قد يستغرق الأمر عقودا للحصول على فهم متعمق لكيفية عمل بركان معين.

وبفضل العمل الأخير الذي قام به فريق لوكا كاريتشي، الأستاذ بقسم علوم الأرض بكلية العلوم جامعة جنيف، أصبح من الممكن الآن الحصول على معلومات قيمة بسرعة أكبر.

Fagradalsfjall Volcanic Eruption 2021 Iceland

تستخدم هذه الطريقة 3 معايير سهلة القياس: ارتفاع البركان، وسمك الصخور التي تفصل “خزان” البركان عن السطح، والتركيب الكيميائي للصهارة المنطلقة عبر تاريخها الثوراني. الأول يمكن تحديده عن طريق الأقمار الصناعية، والثاني عن طريق الجيوفيزياء و/أو التحليل الكيميائي للمعادن (البلورات) في الصخور البركانية، والثالث عن طريق أخذ العينات المباشرة في الميدان.

ومن خلال تحليل البيانات الموجودة حول القوس البركاني لجزر الأنتيل الصغرى، وهو أرخبيل من الجزر البركانية المدروسة جيدا، سلط فريق جامعة جنيف الضوء على العلاقة بين ارتفاع البراكين ومعدل إنتاج الصهارة.

وكما يوضح أوليفر هيغينز، طالب الدكتوراه السابق في مجموعة لوكا كاريتشي والمؤلف الأول للدراسة فإن “البراكين الأعلى تنتج أكبر الانفجارات في المتوسط خلال حياتها”.

وقد وجد العلماء أيضا أنه كلما كانت القشرة الأرضية تحت البركان أرق، كان خزان الصهارة أقرب إلى السطح، وكان البركان أكثر نضجا حراريا. يوضح لوكا كاريتشي، المؤلف الثاني للدراسة “عندما ترتفع الصهارة من العمق، فإنها تميل إلى البرودة والتصلب، مما يوقف صعودها، ولكن عندما يكون مخزون الصهارة كبيرا، تحتفظ الصهارة بدرجة حرارتها، وتتراكم في الخزان الذي سيغذي ثورانا مستقبليا”.

تحديد البراكين الأكثر عرضة للخطر

وأخيرا، لاحظ الباحثون أن متوسط التركيب الكيميائي للصهارة التي اندلعت بالفعل هو مؤشر على انفجارها، فعلى سبيل المثال، تشير المستويات العالية من السيليكا إلى أن البركان يتغذى بكميات كبيرة من الصهارة، ويوضح الباحثون أنه “في هذه الحالة، هناك خطر أكبر لحدوث ثوران متفجر كبير من ذلك البركان”.

تنتج المعلومات الثلاثة التي حددها فريق جامعة جنيف معا “لقطة” للبنية الداخلية للبركان. وهي تمكن من إجراء تقييم أولي للمخاطر المرتبطة بالبراكين التي لم تتم دراستها بشكل جيد، دون الحاجة إلى موارد تقنية ومالية كبيرة. ويمكن استخدام هذه الطريقة لتحديد البراكين النشطة التي من المرجح أن تنتج ثورانا واسع النطاق، والتي تتطلب مراقبة متزايدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version