في مهمة صُنفت أنها تاريخية، صعد مجموعة من المدنيين على متن مركبة الفضاء “كرو دراغون” إلى ارتفاع 1400 كيلومتر، وهي أبعد مسافة يصلها الإنسان منذ مشروع “أبولو” الذي أوصل الإنسان إلى القمر قبل نحو 50 عاما، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل دفع رواد الفضاء بأنفسهم خارج المركبة الفضائية في مشهد أخاذ، بينما كانت الأرض تظهر في الخلفية المعتمة.

تحمل المهمة التاريخية اسم “بولاريس داون” وتديرها شركة “سبيس إكس” بالنيابة عن الملياردير ورائد الأعمال الأميركي غاريد إيسكمان، الذي صعد بنفسه رفقة الطاقم المكون من 4 أشخاص. وقد شهدت الرحلة عبورا جزئيا لحزام فان آلن الإشعاعي، وذلك ضمن خطة العمل المتفق عليها لدراسة مدى تأثير الأشعة لصحة الإنسان العادي.

SpaceX’s Polaris Dawn astronauts complete spacewalk

وقد أجرى الفريق أول عملية سير في الفضاء على مستوى أشخاص مبعوثين من جهات غير حكومية، إذ فتح الطاقم كبسولة المركبة الفضائية ودفعوا بأنفسهم عبر النافذة الصغيرة التي كانت تفصلهم عن رؤية الفضاء السحيق. ووفقا للإجراءات المتبعة، فإن المركبة الفضائية دخلت في نظام اتزان الضغط الجوي بتفريغها من الهواء لمدة ساعتين تقريبا، وذلك ليتساوى الضغط الداخلي مع الخارجي شبه المعدوم.

وكانت الرحلة قد انطلقت صباح الثلاثاء بتوقيت شرق الولايات المتحدة الأميركية، ووصلت إلى ارتفاعها المطلوب البالغ 700 كيلومتر الخميس، علما أنها وصلت إلى أقصى ارتفاع لها نحو 1400 كيلومتر قبل أن تستقر في مدارها الحالي، ومن المقرر أن تستمر المهمة لمدة 5 أيام في مدارها حول الأرض.

وقبل لحظة خروجهم من الكبسولة، خضع الطاقم لعملية “التنفس المسبق”، وهي خطوة ضرورية لتخليص مجرى الدم من النيتروجين، وتجنب احتمالية الإصابة المميتة المحتملة والمعروفة باسم “فقاعات النيتروجين”، والتي يمكن أن تحدث عند التعرض للفراغ.

وقد بثت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” عرضا مباشرا عبر منصة يوتيوب لحظة صعود إيسكمان، الذي كان أول من خرج من الكبسولة باستخدام سلم صُمم خصيصا من “سبيس إكس” لأداء هذه المهمة، وبينما كان في الأعلى علق إيسكمان متأملا الأرض أنّها “عالم مثالي”.

كما عمل رواد الفضاء على تجربة بدلتهم الفضائية الجديدة واختبار مدى مرونتها على الحركة من خلال الالتفاف وتحريك أطراف الجسم بوضعيات مختلفة، وهو هدف كانت تطمح إليه “سبيس إكس” بتطوير بدلات فضاء تشبه الملابس العادية إلى حد كبير من حيث المرونة وسهولة الحركة، على عكس البدلات التقليدية التي تقيد كثيرا من الحركة والمساحة لدى رواد الفضاء.

كما هنأ بيل نيسلون مدير وكالة ناسا الطاقم وشركة “سبيس إكس” على تحقيق أول عملية سير تجارية في الفضاء، في منشور على منصة إكس: “يمثل نجاح اليوم وثبة عملاقة إلى الأمام على مستوى الصناعات الفضائية التجارية، وهو هدف ناسا طويل الأمد لبناء اقتصاد أميركي نابض بالحياة”.

وكان إيسكمان قد أعرب عن قلقه حول احتمالية فشل المركبة الفضائية في إعادة تعبئة الكبسولة بالهواء لضبط الضغط الجوي بداخلها عند الانتهاء من عملية السير في الفضاء، مما سيترك الطاقم مع احتياطي الأكسجين المحدود والمرفق في بدلاتهم الفضائية ريثما عودتهم إلى الأرض، وذلك لحسن الحظ ما لم يحدث.

وفي المجمل، فإن المهمة صُنّفت حتى اللحظة بأنها ناجحة للغاية، وأنها تسير وفقا للخطة المطلوبة ووفق الأهداف التي وضعها المسؤولون قبل الانطلاق، كما يُنظر إلى هذه المهمة بأنها ستفتح نافذة كبيرة نحو توسيع نطاق رحلات الفضاء التجارية والسياحية مستقبلا.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version