أظهرت دراسة جديدة نشرت في السادس من سبتمبر/أيلول في مجلة “فيرتبريت بالينتولوجي” أن بعض أنواع الزواحف المجنحة كانت تطير برفرفة أجنحتها، بينما كانت أنواع أخرى تحلق مثل النسور.

في حالة الرفرفة يحرك الكائن الحي جناحية لتوليد الطاقة اللازمة لرفعه في الهواء، بينما في حالة التحليق يفرد الكائن جناحه معتمدا على تيارات الهواء، للبقاء في الأعلى مع الحد الأدنى من حركة الأجنحة.

وبحسب الدراسة، فقد مكن التحليل الثلاثي الأبعاد لحفريات نادرة عثر عليها في شمال شبه الجزيرة العربية لنوعين مختلفين من الزواحف المجنحة ذات الجسم الكبير من نوع “الأزداركويدي” من فهم آليات التحليق الخاصة بكل منهما.

وفي حين أرجعت العينة الأولى للنوع المنقرض والمعروف سابقا “الأرامبورجيانيا”، اكتشف الباحثون أن الحفريات الخاصة بالنوع الآخر كانت لنوع جديد تماما، أطلق المؤلفون عليه اسم “إينابتانين ألارابيا” Inabtanin alarabia” نسبة إلى “تل عناب” في جنوب شرق الأردن، حيث عثر على الحفريات عام 2007، ويعني الاسم “تنين تل عناب العربي”، حيث جمع الاسم الأول بين الكلمتين العربيتين “inab” وتعني العنب و”tanin” وتعني التنين، وتشير لفظة “Alarabia” إلى شبه الجزيرة العربية.

وحوش سماوية

يقول المؤلف المشارك في الدراسة “إياد زلموط” -باحث ما بعد الدكتوراه في علم الحفريات الفقارية في جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة: “يقدم هذا البحث عينتين جديدتين ومهمتين من الزواحف الطائرة، بما في ذلك نوع جديد يمثل أكثر حفريات الزواحف الطائرة اكتمالا والتي تم جمعها من رواسب العصر الطباشيري المتأخر في الأردن”.

ويضيف “زلموط” في تصريحات لـ”الجزيرة نت” أن جودة عظام هذه الزواحف الطائرة الجديدة سمحت للفريق البحثي بفك رموز التفاصيل الدقيقة حول آليات وسلوك هذه المخلوقات الطائرة التي عاشت بين 72 مليونا و66 مليون سنة مضت.

“استنادا إلى البنية الداخلية لعظامهما، افترضنا أن الزواحف الطائرة كانت لها أنماط طيران مختلفة، حيث كانت الأنواع الأصغر تطير برفرفة أجنحتها بينما كانت الأنواع الأكبر تحلق مثل النسور”، وفق زملوط الذي أوضح أن الزواحف الطائرة ليست ديناصورات، لكنها وثيقة الصلة، وكل من الزواحف الطائرة والديناصورات لها سمات هيكلية وتشريحية فريدة، وهذا يعني تاريخين تطوريين منفصلين”.

جانب من الفريق البحثي يحمل عظام جناح الإينابتانين (الفريق البحثي)

عاش في الأردن

وفقا للمؤلفة الرئيسية للدراسة “كيرستين روزنباخ” الباحثة في قسم علوم الأرض والبيئة في جامعة ميشيغان، فقد “أظهرت فحوصات التصوير المقطعي المحوسب أن عظم العضد في “الأرامبورجيانيا”‏، وهو جنس منقرض من “التيروصور الأزداركتي” عاش في الأردن في أواخر العصر الطباشيري، يحتوي على سلسلة من القمم الحلزونية المتكونة داخل العظم المجوف”.

العينة الأخرى التي تم تحليلها كانت “لإنابتانين”، وهي إضافة جديدة في علم الحفريات، بحسب الباحثة التي أوضحت أن طول جناحيه كان 5 أمتار.

تقول “روزنباخ” في تصريحات لـ”الجزيرة نت”: “يحتوي الإينابتانين على شبكة من الدعامات المجوفة المتقاطعة في جميع أنحاء عظم العضد. ومن المرجح أن يعكس هذا التنوع في البنية العظمية الداخلية الاستجابة التكيفية للقوى الميكانيكية المطبقة على أجنحة التيروصورات”.

وتشير المقارنات مع عظام الطيور الحديثة إلى أن الإينابتانين له بنية عظمية داخلية مماثلة لتلك الموجودة في الطيور المرفرفة (الشكل الأكثر شيوعا للطيران)، في حين أن البنية الداخلية “لأرامبورجانيا” تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في الطيور المحلقة مثل النسور.

“لقد فوجئ فريقنا من الزملاء الأميركيين والأردنيين الذين أجروا العمل الميداني بالعثور على عظام زواحف طائرة محفوظة ثلاثية الأبعاد، وهذا أمر نادر جدا، نظرا لأن عظام الزواحف الطائرة مجوفة، لذا كان من المرجح العثور عليها متحجرة مسطحة مثل الفطيرة، إذا تم الحفاظ عليها على الإطلاق” كما أضافت روزنباخ في تصريحاتها لـ “الجزيرة نت”.

كشف خاص جدا

ويرى “زلموط” أن الدراسة تقدم اكتشافا خاصا جدا لأسباب عديدة، منها أنه تقدم نوعا جديدا على العلم، وهو محفوظ تماما في 3 أبعاد، ومعالم ومورفولوجيا العظام مختلفة عن الزواحف الطائرة الأخرى، وأخيرا فإن سمك العظام والبنية الداخلية تحمل العديد من الإجابات على سلوك معين ظهر في هذه المجموعة المنقرضة.

للوصول لهذه النتائج، استخدم الباحثون التصوير المقطعي المحوسب لفحص العظام من الداخل، وبرنامج التصوير الثلاثي الأبعاد المسمى “مايمكس” لإعادة بناء نماذج افتراضية للعظام وتصور الجزء الداخلي منها، بالإضافة إلى أدوات علم التشريح المقارن والشكل الوظيفي وعلم أنسجة العظام.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version