كشفت وكالة ناسا، على لسان مديرها بيل نيلسون الخميس الماضي، عن تأجيلات جديدة في برنامج “أرتيميس”، الذي يسعى لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر للمرة الأولى منذ مهمة “أبولو 17” عام 1972.

وكان من المقرر أن تُطلق مهمة “أرتيميس 2” في سبتمبر/أيلول 2025، لكن قرار صدر بتأخير المهمة إلى أبريل/نيسان 2026، ونظرا لذلك تأجلت المهمة التالية “أرتيميس 3” من المشروع نفسه إلى منتصف عام 2027.

ورغم هذه التأجيلات المتكررة، أكد نيلسون أن الجدول الزمني لمهمة “أرتيميس 3” سيبقى متقدما على الخطة المعلنة للصين، التي تسعى هي الأخرى لتحقيق هبوط على سطح القمر بحلول عام 2030، وهو الأمر المطمئن إلى حد كبير بالنسبة لوكالة الفضاء والإدارة الأميركية، ويكشف ذلك احتدام المنافسة بين قوتين في مجال استكشاف الفضاء.

وترجع هذه التأجيلات بشكل أساسي إلى مشاكل تقنية اكتُشفت خلال مهمة “أرتيميس 1” غير المأهولة التي أُنجزت في عام 2022، فقد تعرضت كبسولة “أوريون”، التي طورتها شركة “لوكهيد مارتن”، لتشققات وتآكل جزئي في درعها الحراري أثناء عودتها عبر الغلاف الجوي للأرض.

وحرصا على تجنب تأخيرات إضافية، قررت ناسا الإبقاء على التصميم الحالي للدرع الحراري في مهمة “أرتيميس 2″، مع تعديل مسار العودة لتقليل المخاطر، أما النماذج المستقبلية للكبسولة، فستشهد تحسينات على الدرع الحراري لمعالجة هذه المشكلات بشكل كامل.

طموحات تتجاوز القمر.. “أرتيميس” والطريق إلى المريخ

على عكس مهمات “أبولو” التي أجريت في نهاية ستينيات القرن الماضي، والتي ركزت فقط على استكشاف القمر، يهدف برنامج “أرتيميس” إلى إنشاء وجود مستدام على سطح القمر ليكون محطة انطلاق لاستكشاف المريخ في المستقبل. وتشمل هذه الخطة بناء قواعد قمرية واستخدام تقنيات متقدمة مثل مركبة “ستارشيب” التي طورتها شركة “سبيس إكس”، والتي ستلعب دورا محوريا في نقل الرواد من وإلى سطح القمر.

وتأتي هذه الأهداف مصحوبة بتكاليف باهظة، إذ تُقدّر ميزانية البرنامج الفضائي بـ93 مليار دولار حتى عام 2025، بينما تبلغ تكلفة إطلاق صاروخ “إس إل إس” (SLS) حوالي ملياري دولار لكل عملية.

وقد أثارت التكاليف المرتفعة والتأجيلات المستمرة نقاشات بين المسؤولين في ناسا وصنّاع القرار حول مستقبل البرنامج، كما أن اقتراب الإدارة الأميركية الجديدة من تولي مهامها، قد تؤدي إلى تغيرات في السياسات حول إعادة توجيه مسار البرنامج الفضائي.

وقد أعرب مستشارو الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن اهتمامهم بالتركيز أكثر على استكشاف المريخ، بالاعتماد على مركبة “ستارشيب” كحل اقتصادي، وهي مركبة فضائية تنتمي إلى شركة “سبيس إكس” التي يرأسها رائد الأعمال الأميركي إيلون ماسك، أحد أهم مناصري الرئيس المنتخب حديثا.

ناسا تستعد لإطلاق مركبة فضائية تحمل كبسولة غير مأهولة لتدور حول القمر

منافسة العالمية للعودة المأهولة إلى القمر

وفي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة للحفاظ على ريادتها في مجال استكشاف الفضاء، تواجه تحديا متزايدا من الصين، التي أحرزت تقدما ملحوظا في برامجها الفضائية إلى القمر خلال الأعوام الخمسة الماضية، ويعمل كلا البلدين على تعزيز شراكاتهما مع الدول الأخرى والشركات الخاصة لدعم برامجهما الفضائية، وقد جذب برنامج “أرتيميس”، الذي أطلق خلال الإدارة الأولى لترامب، دعما كبيرا من الكونغرس، ما مكّن ناسا من الحصول على تمويلات إضافية.

وتلعب الشراكات الدولية ودور القطاع الخاص دورا حاسما في نجاح “أرتيميس”، كما تعد مساهمة شركة “سبيس إكس” في تطوير مركبة الهبوط القمرية “ستارشيب” مثالا واضحا على الاعتماد المتزايد على الشركاء التجاريين لتوفير إمكانيات محورية لأداء المهام الفضائية.

ويُذكر بأن المهمة الأولى من أرتيميس أجريت بنجاح كبير، وهي الرحلة التي استغرقت 25 يوما في مدار حول القمر، واختبرت خلالها قدرات صاروخ “إس إل إس” وكبسولة الفضاء “أوريون”، مع ظهور بعض المشاكل التقنية التي لم يتوان على حلها المهندسون والعلماء.

وبواسطة الرحلة الثانية من البرنامج، مهمة “أرتميس 2″، فإن ناسا تهدف إلى إرسال رواد فضاء في رحلة حول القمر لاختبار أداء كبسولة “أوريون” وأداء الأنظمة المخصصة للمهام المأهولة قبل الهبوط على سطح القمر في المرحلة التالية، ألا وهي مهمة “أرتميس 3″، وذلك اتباعا للخطة المحكمة الموضوعة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version